للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولنا أن نتوقع اهتماماً جاداً من الأمير عبد الرحمن الداخل بالبريد بعد أن أوجد داراً خاصة به، الأمر الذي كفل له سرعة وصول الأخبار إليه من كافة أرجاء دولته، ويكفي للدلالة على نجاحه في هذه الخطوة، أن والي الجزيرة الخضراء الرماحس بن عبد العزيز عندما أعلن عصيانه على الأمير عبد الرحمن الداخل سنة (١٦٤) هـ (٧٨٠ م) وصل الخبر بسرعة كبيرة لقرطبة، فقد أعلن الرماحس عصيانه يوم الاثنين وبلغ خبره الأمير عبد الرحمن يوم الجمعة (١)، وطبيعي أن في سرعة وصول الخبر لقرطبة دليل على التنظيم الجيد للبريد.

وقد أفاد الأمير الحكم الربضي من البريد المنظم في الدولة الأموية، وتجلى ذلك في سرعة تصديه لحركات التمرد ووأدها وهي في المهد (٢).

ويبدو أن الدولة الأموية قد أولت البريد عناية فائقة، بالذات بعد أن تعرضت دولتهم لهجمات الغزاة النورمانديين في سنة (٢٢٩) هـ (٣) (٨٤٤ م)، حتى إذا عادوا مرة أخرى لغزو الأندلس سنة (٢٤٧) هـ (٨٦١ م) لم يجدوا غرة ليفعلوا بالمسلمين كما فعلوا بهم في المرة السابقة (٤)، وذلك لما عُرف عن الأمير محمد بن عبد الرحمن من اهتمام


(١) - نصوص عن الأندلس، ص ١١٧ - ١١٨، أخبار مجموعة ص ١١٢.
(٢) - انظر: أخبار مجموعة، ص ١٢٩، ١٣٠، ١٣١ - ١٣٢.
(٣) - البيان المغرب، ٢/ ٧٨. غارات النورمانديين على الأندلس، ص ٣١.
(٤) - المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي ص ٣١١.

<<  <  ج: ص:  >  >>