للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أموي الأندلس، ذكر أن متوليها له جزء من رئاسة الدولة (١). لأجل هذا فقد كانت الدولة الأموية لا تسندها إلا لمن كان من ثقاتها، ويخرج بمناسبة التعيين ظهير للخازن الجديد تحدد له فيه الصلاحيات، ويرشد إلى بعض الأمور، بعد أخذ العهد عليه، ويدعى له بالتوفيق.

ولقد كانت شخصيات رجال الدولة الأموية، شخصيات فذة، سمتها الإخلاص، وظهر هذا جلياً في موقف شيخ الخزَّان موسى بن حدير الذي رفض تنفيذ أمر الأمير عبد الرحمن الأوسط بصرف مبلغ ثلاثين ألف دينار للمغني زرياب، فقد قال موسى بن حدير لصاحب الرسائل الذي حمل الأمر "نحن وأن كنَّا خُزَّان الأمير أبقاه الله، فنحن خُزَّان المسلمين، نجبي أموالهم وننفقها في مصالحهم، ولا والله ما ينفذ هذا، ولامنا من يرضى أن يرى هذا في صحيفته غدا، أن نأخذ ثلاثين ألفا من أموال المسلمين وندفعها إلى مغن في صوت غناه، يدفع إليه الأمير أبقاه الله ذلك مما عنده" (٢).

والبيانات الحسابية التي يقدمها الخُزَّان وشيخهم لا يصادق عليها مباشرة، وإنما تتم عملية مراجعتها من قبل الأمير أو الخليفة، ومناقشتهم فيها، ويتم التغاضي عن الخطأ إن كان يسيرا (٣)، لكنه ربما أدى ذلك إلى عزل الخزّان وشيخهم، وهذا ما فعله الخليفة عبد الرحمن الناصر سنة


(١) - مقدمة ابن خلدون، ص ٦٧٨.
(٢) - ابن القوطية، ص ٦٨ - ٦٩. إن من توفيق الله لولي الأمر أن تكون بطانته صالحة.
(٣) - المقتبس، تحقيق د. محمود مكي، ص ١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>