للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للمسلم زكاة، ولأهل الذمة تنفيذاً لعقود الصلح المبرمة معهم، وتؤخذ من الحربي الذي يمر بتجارته في أراضي المسلمين لقاء حمايته، وطبيعي أنها لا تؤخذ إلا بعد بلوغ النصاب (١).

ومنصب متولي آخذ العشور، باب للثراء على حساب الآخرين، ولذا يجب أن لا يليه إلا من يوثق بدينه وأمانته، ويقف عند الحدود التي حدها له القاضي، ويعمل بوصيته، فيرفق بأصحاب التجارة والمزارعين ولا يشطط عليهم، وإذا أتى بالزمام الذي دَّون فيه ما قبضه من عشور، فلابد أن يريه القاضي ليمضي عليه، وصاحب العشور يستلم أجرته من عند رئيسه، ولا يستلمها ظلماً وجوراً من أصحاب الأموال المعشَّرة (٢).

ويبدو أن متولي مهمة قبض العشور كانوا لا يلزمون النهج الشرعي في عملهم، ولذا نرى ابن عبد ون يندد بهم، ويصفهم بالظلمة الفسقة، ويعتبرهم "أكلة سحتٍ، أشراراً، سفلة، لا خوف ولا حياء ولا دين ولا صلاة لهم، باعو أديانهم بدنيا غيرهم" (٣).

ولنا أن نتوقع أن المبالغ التي يتم تحصيلها من العشور كانت ضخمة للغاية، وهذه متوقفة على الحالة الاقتصادية للدولة، والأندلس بلغت في عهد الخليفة الحكم المستنصر بالله الغاية في المستوى الاقتصادي، وفي عهده تم إجراء حصر لما يتم بيعه من السمك المملح فقط، بقرطبة خلال


(١) - كتاب الخراج، ص ١٣٣. المغني، ٨/ ٥١٩.
(٢) - رسالة ابن عبدون، ص ٦.
(٣) - المصدر السابق، ص ٦ - ٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>