للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد أن انتقل المنصور إلى الزاهرة وانتقلت بانتقاله الدولة بأسرها، أصبح قصر الخلافة معطلاً، إذ سد المنصور بابه، وأحكم قبضته عليه، وأقام حوله خندقاً وسوراً منيعاً، ورتب الحراس والبوابين والسمار والمنتابين يلازمونه ليلاً ونهاراً ويراقبون حركات من فيه سراً وجهاراً، وجعل في القصر أحد ثقاته لضبطه وبسط الأمر والنهي فيه وبذلك حجر المنصور على الخليفة الذي لم يبق له من وظائف الخلافة إلا نقش اسمه في السكة، والطرز والدعوة له في الخطبة (١).

وكان المنصور يصدر أوامره باسم الخليفة، فكان يدخل إلى القصر ويخرج ويقول: "أمرني أمير المؤمنين بكذا ونهى عن كذا (٢) " ثم أراد


(١) انظر: ذكر الأندلس، ١/ ١٨٠. البيان المغرب، ٢/ ٢٧٦.
(٢) ذكر بلاد الأندلس، ١/ ١٧٩. وفي هذه الأثناء ساءت العلاقة بين الصهرين المنصور وغالب إذ أن الأخير غضب بسبب استبداد المنصور بأمور الدولة وحجره على الخليفة، والمنصور بدوره لايحتمل أن يرى له معارضاً، ولذا أخذ كل منهما يستعد للقضاء على الآخر، ولكن نظراً لأن غالب كان يتفوق بالفروسية والشجاعة على المنصور، لذا فقد استنجد المنصور بجعفر بن علي بن حمدون المعروف بالأندلسي فقدم إليه من العدوة واستورزه المنصور، وجرت صدامات قوية بين غالب والمنصور انتهت بوفاة غالب في أوائل شهر المحرم سنة ٣٧١ هـ، ثم تخلص المنصور من جعفر بأن سلط عليه أبا الأحوص معن بن عبدالعزيز التجيبي فارس العرب فقتله، ثم قتل المنصور أبا الأحوص وبذلك انفرد بملك الأندلس وأصبح الشخصية التي لاتقاوم. انظر: نقط العروس، ص ٨١ - ٨٢. أعمال الأعلام، ٢/ ٦٢ - ٦٥. البيان المغرب، ٢/ ٢٧٨ - ٢٧٩. مفاخر البربر، ص ١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>