للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإقامة أوده، وتوليته الحجابة والوزارة وإخماله لأهل الدولة الحكمية، وتقصيهم بالقتل، متأولاً في ذلك أن دولته تصفو به ويقوى سلطانه، وأن بقاءهم في كثرة الخلاف، وإيثار الفتن وهلاك المسلمين، حتى اتسق له ماأمل، وبلغ من ذلك الغاية القصوى، ولو أن أحداً اشتهر ببعض ماأتى هو به دون تعلق بسبب، أو إظهار طاعة لكان قتل من ساعته، ولو كان من أهل بيت الخلافة (١) ".

والحق أن المنصور لم يكن يحتمي باسم الخليفة فقط، بل كان يخشى أن يظهر من الخليفة مايقضي على مالديه من الآمال والتطلعات، وينزع سلطانه منه، ولقد كانت هذه القضية تسبب له أرقاً يفقده لذيذ النوم، ولذا فقد كان يفرط في السهر، وعندما عاتبه فتاه شعله على ذلك محذراً إياه من مغبته، أفصح المنصور عما في نفسه حيث قال: "ياشعلة، حارس الدنيا لاينام إذا نامت الرعية، لو استوفيت نومي، لما كان في دور هذا البلد عين نائمة، ولو كنت من صاحب القصر [وأشار ناحية الخليفة] على مثل مسافة بسطة لأحرمت النوم، فكيف وإنما بيننا مدى صيحة (٢) ".

وبعد وفاة المنصور بن أبي عامر قام بأمر الدولة من بعده ابنه عبدالملك، حيث زار الخليفة المؤيد، ونعى إليه والده المنصور، فلاطفه


(١) عبدالله بن بُلقين، كتاب التبيان "مذكرات الأمير عبدالله" (نشر وتحقيق: ليفي بروفنسال، القاهرة، دار المعارف، ١٩٥٥) ص ١٥.
(٢) أعمال الأعلام، ٢/ ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>