للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبوجه عام، فقد استمر وجود الأدعياء الذين بويعوا بالخلافة لهدف أراده من نصبهم وبايعهم، ويكفي للدلالة على سوء الوضع المتعلق بهذه الأمور قول ابن حزم: "أربعة رجال في مسافة ثلاثة أيام في مثلها، كلهم تسمى بأمرة أمير المؤمنين ويخطب لهم بها في زمن واحد، وهم خلف الحصري (١) بإشبيلية على أنه هشام بن حكم، ومحمد بن القاسم بن حمود بالجزيرة، ومحمد بن إدريس بن علي بن حمود بمالقة، وإدريس بن يحيى بن علي ابن حمود ببشتر (٢) ".

وكما تولى الحجابة أصحاب السيف والقلم في عهد قوة الدولة الأموية، فكذلك تولاها بعض العلماء أصحاب الشخصيات الدينية


(١) بعد أن استقر يحيى بن علي بن حمود الملقب بالمعتلي، في مالقة، وبسط حكمه على معظم قواعد الأندلس الغربية الجنوبية، بدأ بالتطلع إلى إشبيلية وأرهق صاحبها ابن عباد بالغارات المتوالية، فما كان من الآخر، بعد أن شعر بخطورة الموقف، إلا أن أتى برجل فقير يعمل مؤذناً في مسجد بإحدى قرى إشبيلية مستغلاً غيبة هشام المؤيد والأراجيف التي كانت تقول بوجوده، وبقرب ظهوره، وبالشبه الشديد بينه وبين ذلك الرجل المؤذن المدعو خلف الحصري، فألبسه الكسوة الخلافية ومشى بين يديه وصائح يصيح بأن هذا هو أمير المؤمنين هشام، وأجلسه في القصر وأخذ له البيعة وطالب الأهالي بمبايعته ومن أبى حل به البلاء. كل هذا حرصاً من ابن عباد على الدنيا ودفعاً لابن حمود عن الخلافة. انظر: البيان المغرب، ٣/ ١٩٧ - ٢٠٠.
(٢) نقط العروس، ص ٨٣ - ٨٤. وعن أولئك الحموديين: انظر: البيان المغرب، ٣/ ٢١٧. لويس سيكودي لوثبنا، الحموديين سادة مالقة والجزيرة الخضراء، ص ٤٢ - ٤٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>