للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"وكان قد اجتمع للأمير عبد الرحمن من سراة الوزراء أولي الحلوم والنهى والمعرفة والذكاء عصابة لم يجتمع مثلها عند أحد من الخلفاء قبلهم ولا بعدهم (١) " فوجود مثل هؤلاء في وقت واحد جعل من الضروري اختصاص كل واحد منهم بأعمال محددة وألقاب معينة. وبذلك برزت المناصب بقوة منذ ذلك الوقت، وبالتالي أصبح التنظيم الإداري لأجهزة الدولة أمراً ضرورياً.

وبعد أن تمت عملية التنظيم برزت الوزارة، فوزعت الاختصاصات، وأصبح لكل وزير عملاً معيناً يقوم به وفي ذلك يقول ابن خلدون: -

"وأما دولة بني أمية بالأندلس، فأنفوا اسم الوزير في مدلوله أول الدولة، ثم قسموا خطته أصنافاً، وأفردوا لكل صنف وزيراً، فجعلوا لحسبان المال وزيراً، وللترسيل وزيراً، وللنظر في حوائج المتظلمين وزيراً، وللنظر في أحوال أهل الثغور وزيراً" (٢).

ولم يكن لأولئك الوزراء في البداية مجلس خاص بهم يجتمعون فيه فقد كان الأمير يستدعيهم متى شاء، إلا أن الأمير عبد الرحمن الأوسط نظم تواجدهم، وأصبح تنظيمه هذا معمولاً به إلى نهاية الدولة، فقد "ألزم هؤلاء الوزراء الاختلاف إلى القصر كل يوم، والتكلم معهم في الرأي،


(١) المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ص ٢٩.
(٢) مقدمة ابن خلدون، ص ٦٧٠. والوزارة بهذا التصنيف تكون شديدة الشبه بالتقسيمات الوزارية الحاصلة في الوقت الراهن.

<<  <  ج: ص:  >  >>