للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمشورة لهم في النوازل، وأفردهم ببيت رفيع داخل قصره مخصوص بهم، يقصدون إليه ويجلسون فيه فوق أرائك، قد نضدت لهم، يستدعيهم إذا شاء إلى مجلسه جماعة وأشتاتاً، يخوض معهم فيما يطالع به من أمور مملكته، ويفحص معهم الرأي فيما يبرمه من أحكامه، وإذا قعدوا في بيتهم أخرج رقاعه ورسائله إليهم بأمره ونهيه، فينظرون فيما يصدر إليهم من عزائمه، جرى على ذلك من تلاهم إلى اليوم" (١).

وعلى هذا، فالوزراء أصبح لديهم عمل رسمي يزاولونه بشكل يومي، ومجلس خاص بهم، يمارسون فيه أعمالهم كل حسب اختصاصه، وفي بيت الوزارة يجلسون بشكل دائري على فرش الكتان (٢) والحاجب في صدر المجلس على فراش الديباج أرفع من فرشهم، وحسب التوجيهات العامة التي تصدر إليهم من الأمير تدور المناقشات بينهم في أمور الدولة،


(١) المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ص ٢٩. وأما النص الذي ورد لدى ابن القوطية في "افتتاح الأندلس" ص ٦١ فقد جاء فيه: "وعبد الرحمن أول من رتب اختلاف الوزراء إلى القصر والتكلم في الرأي على ما هو جار إلى اليوم".
(٢) الذخيرة، ق ٤ م ١ ص ٥٩. الوزراء كانوا يجلسون على فرش لم تكن ترتفع عن الأرض كثيراً، يدل على ذلك ما ورد لدى الخشني عند ذكره لاجتماع عمرو بن عبد الله وسليمان بن أسود عند الوزراء في بيتهم، وبعد أن انتهت المناقشة وأراد عمرو بن عبد الله أن ينهض وضع يديه جميعاً في الأرض ليقوم. [انظر: قضاة قرطبة ص ٨٦] ولا يمكن أن يضع يديه جميعاً في الأرض إلا إذا كان الفراش المعد للجلوس لا يرتفع عن الأرض إلا يسيراً.

<<  <  ج: ص:  >  >>