للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويبدو أن هناك أسباباً حالت دون قيام أمراء قرطبة بإنشاء قوة بحرية تحمي سواحل إماراتهم، فالمتصفح لعهد الأمير عبد الرحمن الداخل، على سبيل المثال، يجد أنه مليء بالفتن الداخلية والحروب الخارجية، وهذه المشاكل استمرت طيلة عهده، ولا يخفى ما لمثل هذه المشاكل من أثر سيء على التنمية الداخلية لأي دولة كانت.

يضاف إلى ذلك أن الممالك والأمارات النصرانية الشمالية المجاورة للدولة الأموية بالأندلس، لم تكن لها سمعة في المجال البحري، حتى يحسب الأمويون حسابها، في حين أن السواحل الجنوبية كانت تطل على بلاد إسلامية، لذا أمن الأمويون من المخاطر التي تأتيهم عن طريق السواحل. هذه الأسباب تضافرت فيما بينها، لتقف حائلاً دون التبكير في قيام قوة أموية بحرية.

لكن هناك خبر أورده شكيب أرسلان ذكر فيه: أن الأمير عبد الرحمن الداخل قد بث الحركة والحيوية في مراسي طركونة (١) وطرطوشة وقرطاجنة واشبيلية والمريه وغيرها (٢).


(١) - طركونة " Tarragona" مدينة ساحلية قديمة، على البحر المتوسط، اشتهرت بإنتاج الرخام المحكم الصبغة، ولها أحواز كثيرة وحصون منيعة تتصل بنواحي برشلونة وتبعد عنها بنحو مائة كيلو متر، وقد خرجت طركونة من أيدي المسلمين سنة ٤٧٢ هـ، انظر، وصف الأندلس للرازي، ص ٧٣. تعليق منتقى، ص ٢٨٦، ذكر بلاد الأندلس، ١، ٧٢ الروض المعطار، ص ٣٩٢، الأثار الأندلسية الباقية، ص ١١٧ - ١١٨.
(٢) - تاريخ غزوات العرب ص ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>