للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي ما أن علم بهذه الحادثة حتى جهَّز أسطولاً كاملاً وولى عليه الحسين بن علي ووجهه إلى الأندلس فهاجم المرية وتمكن رجاله من التوغل في مرسى المرية فوجدوا عدداً من السفن راسية فيه فأحرقوها ووافق هجومهم قدوم المركب الكبير من المشرق محملاً بمختلف أنواع الأمتعة للخليفة عبد الرحمن الناصر بالإضافة إلى الجواري والمغنيات وغيرهن فاستولى عليه المهاجمون ولم يكتفوا بذلك بل دخلوا المرية وقتلوا ونهبوا ثم غادروا إلى المهدية بسلام (١)، فجاء رد فعل الخليفة الأموي سريعاً فقد هاجم الأسطول الأندلسي بقيادة أمير البحر غالب بن عبد الرحمن سواحل إفريقية سنة (٣٤٥) هـ (٩٥٦ م) في ستين قطعة حربية ركزت هجومها على مرسى الخرز وساحل سوسه (٢).

وهكذا أصبح للأسطول الأندلسي الكلمة النهائية في المياه المحيطة بالأندلس من الناحيتين الشرقية والغربية، فالقطع الحربية البحرية المرابطة في قاعدة المرية تقف في مواجهة أي اعتداء قد يأتي من قبل العبيديين في حين أن قاعدة إشبيلة البحرية تذود عن الساحل الغربي ضد أي هجوم يقوم به النورمانديون (٣).


(١) - انظر الكامل ٧/ ٢٥٣ - ٢٥٤.
(٢) - البيان المغرب، ٢/ ٢٢١. تاريخ مدينة المرية ص ٣٩.
(٣) - تجدر الإشارة هنا إلى أن خطر الاعتداءات النورماندية على الأندلس بدأ يأخذ نمطاً آخر غير نمط الهجمات السريعة التي اعتادوا شنها كما في عهد الإمارة والشيء الذي طرأ على وضع النورمانيين يعود سنة ٣٠٠ هـ/٩١٢ م وذلك عندما استقروا في ولاية نورمانديا " Normandia" في غرب فرنسا نتيجة إقطاع ملك فرنسا شارل الثالث الملقب بالساذج Le-Simple زعيم النورماندية رولون Rollon هذه المقاطعة التي عرفت باسم نورمانديا وقد مكنهم في هذه المقاطعة من شن هجمات برية على الثغر الأعلى للأندلس من ذلك أنهم أسروا يحيى بن محمد بن عبد الملك عامل الخليفة عبد الرحمن الناصر على بربشتر والقصر Alquezar، وذلك يوم السبت لثمان مضين من شوال سنة ٣٣٠ هـ/٦٤٢ م ففداه رجل من التجار بألف مثقال وقدم يحيى إلى بلاط الخليفة الناصر فأمر للذي فداه بتضعيف ما أداه وصرفه إلى بربشتر فدخلها سنة ٣٣١ هـ. انظر، دراسات في تاريخ المغرب والأندلس ص ٢٧٤ - ٢٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>