للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد وفاة الخليفة المستنصر وتولي ولده هشام المؤيد الخلافة وتسلط المنصور بن أبي عامر عليه واستبداده بجميع أمور الدولة، واصل المنصور الاهتمام بالأساطيل وتطويرها ويبدو أنه حقق في هذا المجال الشيء الكثير وأنشأ من السفن أنواعاً عديدة فأصبح الأسطول بمراكبه حديث المجالس (١)، ونظراً لاتباع المنصور سياسة سلفه الناصر والمستنصر تجاه المغرب فقد اتخذ من سبتة قاعدة بحرية حربية تنطلق منها عمليات رجاله في المغرب ولقد اهتم بتحصينها اهتماماً كبيراً وتجلى كل هذا الاهتمام بصورة واضحة عندما زحف الأمير بلقين بن زيري صاحب أفريقية فهزم قبيلة زناتة وأجلاها عن أماكنها فاجتاز أمراؤها البحر إلى المنصور بن أبي عامر مستغيثين به، فشمر للأمر وانتقل بعساكره وأجناده إلى الجزيرة الخضراء، ثم أرسل جيشاً إلى سبتة بقيادة جعفر بن علي بن حمدون الأندلسي، ثم أصبح المدد يأتي بانتظام من الجزيرة الخضراء إلى سبتة حتى أن البحر أصبح أبيضاً من كثرة المراكب الأندلسية التي تعبر المضيق جيئة وذهاباً (٢) فلما أشرف الأمير بلقين بن زيري بقواته من أعلى جبل النور المطل على سبتة وشاهد عظم تحصينها وكثرة العساكر وتوالي المدد القادم من الجزيرة إلى سبته أدرك ألا طاقة له بها، فقال لمن معه قبل أن ينصرف "إنما سبته حية ولت ذنبها حذاءنا وفغرت فاها نحونا (٣) " وتكررت


(١) - نفح الطيب ٤/ ٨٧.
(٢) - مفاخر البربر ص ١٧.
(٣) - نفس المصدر والصفحة.

<<  <  ج: ص:  >  >>