للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما الأمير عبد الرحمن الأوسط، فقد كان يقال لأيامه أيام العروس (١)، وذلك لما امتازت به من العدل والهدوء، ومما يدل على حزمه في إقراره العدل قصة التاجر اليهودي الذي شكى لقاضي مارده سليمان بن أسود (٢) من أن أحد أعوان الأمير محمد بن عبد الرحمن - حاكم كورة ماردة في ذلك الوقت - قد أخذ جاريته منه ولم يسدد ثمنها، أو يردها عليه، وعندما حاول القاضي إقناع الأمير محمد بضرورة إنصاف اليهودي، عمد الأمير إلى الإنكار، فهدده القاضي بأنه سوف يذهب بنفسه إلى والده بقرطبة ويعرض عليه القضية كاملة، فلم يكن أمام الأمير محمد إلا الرضوخ لحكم القاضي، حيث تم تسليم الجارية لليهودي (٣).


(١) - ذكر بلاد الأندلس، ١٣٩.
(٢) - أبو أيوب سليمان بن أسود بن يعش ابن جشبيد الغافقي، من سكان مدينة غافق، ولي القضاء في كوره مارده، استدعاه الأمير محمد وولاه قضاة الجماعة بقرطبة، وصف بأنه كان رجلاً صالحاً، متقشفاً، مهيباً، صليباً في حكمه، فيه ذكرة وتحامل على كبار رجالات الدولة وقلة مداراة لهم، تولى القضاء بقرطبة مرتين عزل عن الأولى سنة ٢٦٠ هـ، وفي سنة ٢٦٣ هـ أعيد للقضاء وتمادى فيه حتى عزل عنه في عهد الأمير المنذر بن محمد، وقد توفي سليمان بن أسود وهو ابن تسع وتسعين سنة وعشرة أشهر. انظر: قضاة قرطبة، ص ٧٣ - ٨٢، ٨٣ - ٨٩. ابن الفرضي، ترجمة رقم ٥٤٩. النباهي، المرقبة العليا، ص ٥٦ - ٥٩.
(٣) - النباهي، ص ٥٦ - ٥٧، وانظر: قضاة قرطبة، ص ٧٣. إلا أن الخشني ذكر أن أحد أعوان الأمير محمد انتزع من رجل ابنته، وهذا في الواقع بعيد الحصول لأنه لايمكن في الوسط الإسلامي انتزاع أي بنت كانت أياً كان والدها، فالنباهي كان دقيقاً عندما ذكر أنها جارية لأحد اليهود والجارية كما هو معروف تباع وتشترى.

<<  <  ج: ص:  >  >>