للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان للخصوم آداب لابد من التزامهم بها وهم في مجلس القضاء، فإذا أخل أحدهم بما يجب عليه تجاه هذه الآداب، فإن للقاضي الحق في تأديبه، من ذلك ما ذكره الخشني من أن الفقيه يحيى الليثي شهد في قضية عند قاضي الجماعة إبراهيم بن العباس، فلما خرج من عند القاضي تناوله بعض الخصوم وأساء إليه بالكلام، فرجع الفقيه إلى القاضي وأخبره بما جرى وطلب منه تأديبه، وعندما سأله القاضي عن أدبه طلب أن يبعث به إلى السجن، فسجن القاضي ذلك الرجل، لكنه سرعان ما غادر السجن بطلب من الفقيه الليثي (١).

وإذا استخف أحد الخصوم بمن شهد عليه، فإنه يؤدب وربما يصل الأمر إلى ضربه بالمسجد عدة أسواط، وهذا ما حصل لرجل يدعى غراباً كان جاهلاً عاتياً، فقد شهد شاهد ضده، فقال غراب، ومن شهد عليّ لو كان الشاهد مثل الليث بن سعد. وذلك على سبيل الاستخفاف بالشاهد والشهادة، فأمر قاضي الجماعة محمد بن زياد اللخمي بقمع غراب في المسجد عدة أسواط تأديباً له (٢).

ويحدث أن يرجع الشاهد في إحدى القضايا عن شهادته، فإن كانت رجعته قبل إصدار الحكم، لم ينفذ الحكم بشهادته، ثم يتم التدقيق في حال هذا الشاهد، فإن كان عدلاً مأموناً، قُبل رجوعه ولا تسقط


(١) - نفسه، ص ٥١ - ٥٢.
(٢) - قضاة قرطبة، ص ٥٨. المقتبس، تحقيق: د. محمود مكي، ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>