للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شهادته في المستقبل عند القضاة، وإن كان بغير تلك الصفة، يقبل رجوعه ولكن لا تقبل شهادته أبداً (١).

واختلف الفقهاء في تأديب من رجع عن شهادته، فابن القاسم وابن حبيب نصا على ضرورة تأديبه أدباً موجعاً، في حين اعترض على التأديب كل من ابن عبد الحكم وأشهب وسحنون محتجين بأنه إذا جرى تأديب أحد من الناس فإنه لا يرجع عن شهادته. ويبدو أن الرأي الثاني أولى بالقبول من سابقه وبه جرى العمل (٢).

وأما إن كان رجوع الشاهد عن شهادته بعد إصدار الحكم، فإنه لا يلتفت إلى كلامه ولا ينتقض الحكم برجوعه (٣). فقد حدث أن قاضي الجماعة محمد بن بشير نظر في إحدى القضايا، وأصدر الحكم على ضوء البينة، وبعد فترة استدعاه أحد الشاهدين، وكان ذلك الشاهد على فراش الموت، فلما حضر القاضي عنده، أخبره الشاهد أنه سبق وأن شهد عنده شهادة زور في تلك القضية، وطلب منه فسخ الحكم الذي أصدره بشأنها، يقول الخشني: "فلم يزد محمد بن بشير على أن وضع يديه في ركبتيه ثم قام وجعل يقول: مضى الحكم وأنت إلى النار، مضى الحكم وأنت إلى النار، وخرج عنه (٤) ".


(١) - لباب الألباب، ص ٢٦٥. معين الحكام، ٢/ ٦٦٢ - ٦٦٣.
(٢) - معين الحكام، ٢/ ٦٦٣.
(٣) - المصدر السابق والصفحة.
(٤) - قضاة قرطبة، ص ٣٣ - ٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>