للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشاهد ليؤدي شهادته وأخذ يخلع خفيه ليمشي على بساط القاضي، أخذ يناديه "أيا فلان البساط، البساط، تحفظ من البساط، الله الله" (١) ففطن الشاهد لمراد القاضي ولم يجسر على الإدلاء بشهادته.

وإن حدث - وهو نادر - وكان الأمير أو الخليفة الأموي شاهد في قضية، فإن الرسم يقضي أن تُرسل الشهادة مع فقيهين يؤديانها للقاضي، وهذا ما جرى في قضية لسعيد الخير عم الأمير الحكم الربضي، فقد كانت لديه وثيقة شهودها عدول، ولكنهم توفوا جميعاً إلا واحد فقط، فاضطر إلى شاهد آخر، فمال إلى ابن أخيه الأمير الحكم، وأقنعه بأنه في حاجة لشهادته، ورغم اعتراض الأمير على عمه إلا أنه اضطر أمام إلحاحه على موافقته، فأرسل شهادته لقاضي الجماعة محمد بن بشير الناظر في القضية، وتقدم فقيهان أرسلهما الأمير بشهادته فأدياها لدى القاضي (٢).

وهناك حالات تم فيها عدم قبول شهادة الشاهد رغم انتفاء ما يقدح في شهادته شرعاً، فمن اشتهر بالهزل أصبح قبول شهادته لدى بعض القضاة أمراً عسيراً، وممن رُدت شهادته لهذا السبب محمد بن عيسى الأعشى المتوفى سنة (٢٢١) هـ (٨٣٦ م) فقد كان مشهوراً بالدعابة (٣)، وحدث أن تقدم للشهادة لدى قاضي الجماعة الأسوار بن عقبة النصري،


(١) - ترتيب المدارك، ٥/ ١٩٧.
(٢) - المصدر السابق، ٣/ ٣٣٨.
(٣) - ابن الفرضي، ترجمة رقم ١١٠٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>