للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقال له القاضي "أنت رجل يُكثر الهزل، ولست أدري كانت شهادتك هذه من جدك أو هزلك (١) ".

وكذلك حدث أن رفض بعض القضاة شهادة من عرف بأنه قد تابع هواه في يوم ما، حتى وإن كان صديقاً للقاضي، وهذا ما فعله قاضي الجماعة محمد بن بشير عندما رد شهادة أحد أصدقائه وكان رفيقاً له في النشأة وطلب العلم وطريق الحج بسبب أنه اشترى جارية بمصر بيدها صنعة وهو لم يكن بحاجة لصناعتها (٢).

وإذا كان من حق المدعى عليه معرفة الشهود الذين شهدوا ضده، فإن القاضي يعمد أحياناً إلى عدم تعريفه بمن شهد ضده، وذلك إذا كان المدعي عليه صاحب سلطة وسطوة، وخشي القاضي على الشهود من سطوته، وهذا ما فعله قاضي الجماعة محمد بن بشير مع ابن فطيس (٣). وعندما طلب الأمير الحكم الربضي القاضي بتعريف ابن فطيس بالشهود، أجابه القاضي بقوله "ليس ابن فطيس ممن يُعرَّف بمن شهد عليه لأنه إن لم


(١) - قضاة قرطبة، ص ٤٩.
(٢) - انظر: القصة كاملة لدى الخشني في قضاة قرطبة، ص ٣١.
(٣) - لعله: حمدون بن فطيس المتوفى سنة ٢٢٠ هـ، ووالده أبو سليمان فطيس بن سليمان بن عبد الملك بن سليمان تولى الوزارة للأميرين هشام بن الداخل وابنه الحكم الربضي، ومما يقوي ما ذهبت إليه من أن الذي رفض القاضي إخباره بالشهود أنه حمدون بن فطيس ورود قصة أخرى صرح فيها الخشني باسم حمدون بن فطيس عندما تظلم حمدون من القاضي ابن بشير لدى الأمير الحكم الربضي. انظر: قضاة قرطبة، ص ٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>