للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرى الخشني أن قبول بعض الفقهاء للقضاء ناتج عن رغبة منهم في شرف الدنيا والاتكال على عفو الله تعالى ورحمته، وأما من نفر منه فذلك لخشيته من موقف يوم القيامة، وحذراً من وقوع حيف على يديه يستجلب به غضب الله تعالى (١) ".

وفي الأندلس وجد الكثير من الفقهاء الذين رفضوا منصب القضاء، شأنهم في ذلك شأن من رفضه من المشارقة، وقد علل أحد المهتمين بدراسة القضاء في الأندلس هذا الرفض "بالخوف من عدم القدرة على إقامة العدل على الأقوياء، وتحرجاً من خدمة أمراء لا يرضون عن تصرفاتهم، وخوف الفقهاء من الدسائس التي تحدث بين بعضهم ورجال السلطة وأصحاب النفوذ في الدولة، وخوفهم أيضاً من التنكيل بهم بيد أصحاب السلطة إذا عارضوا ووقفوا أمام ظلمهم (٢) ".

وإذا طبقنا هذا الرأي على الواقع في الأندلس، نجد أنه بحاجة لإعادة نظر، فهو لا ينطبق إلا على عهد الخليفة هشام المؤيد، وهذا أيضاً في حالات معدودة بالإضافة إلى مدة الفتنة وهي مدة لا يمكن اعتبارها صورة لحالة الدولة بأي حال من الأحوال، أما منذ قيام الدولة سنة (١٣٨) هـ وحتى وفاة الخليفة الحكم المستنصر سنة (٣٦٦) هـ (٩٧٧ م) فإن أغلب


(١) - قضاة قرطبة، ص ٢.
(٢) - تاريخ القضاء في الأندلس، ص ٣٠٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>