للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصور عن القضاء ومن تولاه هي صور طيبة تبرز بجلاء موقف أمراء وخلفاء بني أمية من العدل.

هذا ولدينا شخصيات أندلسية كثيرة رفضت منصب القضاء، ولعل الفقيه يحيى بن يحيى الليثي هو خير مثال على ذلك، إذ يمكن اعتباره أبرز شخصية دينية أندلسية على الأقل في عصره.

وعندما نحاول الوصول إلى معرفة الأسباب الحقيقية التي حالت دون تولي الفقيه الليثي للقضاء، نضع في الاعتبار مسألة تأثير الإمام مالك بن أنس على أتباع مذهبه بصفة عامة وتلاميذه بصفة خاصة.

فالمذهب المالكي يمتاز عن بقية المذاهب بالتأثير السلوكي الذي يظهر جلياً على اتباعه، فهو غير مقتصر على كونه مذهباً فقهياً فحسب، بل هو مذهب سلوكي (١) وإذا حاولنا التعرف على الأسباب التي أدت إلى أخذ الأندلسيين بالمذهب المالكي، نجد أن من بينها "العامل التربوي" والذي أقصده هو القول بأن تأثيراً تربوياً تمت ممارسته بطريق غير مباشر من قبل الإمام مالك على تلاميذه الأندلسيين، فقد وجد هؤلاء التلاميذ إماماً مهيباً (٢)، على درجة كبيرة من العلم والوقار وحسن الهيئة، لذا فليس


(١) - د. حسين مؤنس، شيوخ العصر في الأندلس، (القاهرة، الهيئة المصرية العامة للكتاب، ط ١٩٨٦ م) ص ١٦.
(٢) - عن هيبة الأندلسيين للإمام مالك يقول سعيد بن أبي هند: "ما هبت أحداً هيبتي لعبد الرحمن بن معاوية حتى حججت فدخلت على مالك فهبته هيبة شديدة حتى صغرت عندي هيبة عبد الرحمن لهيبته" انظر: ابن الفرضي، ترجمة رقم ٤٦٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>