للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد أطفئت تلك الفتنة بعد أن تراضى الطرفان على أن يتولى الفقيه عبد الرحمن بن موسى الهواري إمامة الصلاة (١).

وعندما أسند الأمير محمد بن عبد الرحمن القضاء والصلاة لعمرو بن عبد الله بن ليث القبعة، عارض العرب توليه الصلاة لأنه من الموالي، وقالوا: "أما القضاء فإنا لا نعترض عليه لأنه من سلطانه -أي من سلطان الأمير- وأما الصلاة فإنا لا نصلي وراءه، فولى الأمير - رحمة الله عليه - الصلاة النميري عبد الله بن الفرج (٢) ".

والملاحظ على هاتين الحادثتين، أنهما بقدر ما تدلان على تغلغل العصبية في الوسط الأندلسي، بقدر ما تؤكدان على أن الإمامة في الصلاة هي زعامة ذات مستوى غير عادي، فهي تعبير حقيقي عن القيادة في أسمى الأعمال والأماكن.

وهناك قصة تكفي للدلالة على إحساس أفراد المجتمع الأندلسي عامة والفقهاء بصفة خاصة، بما للإمامة في الصلاة من مكانة يشعر متوليها بالسؤدد والرفعة، ولذا ترى الحرص من بعض الفقهاء على توليها بأية وسيلة.

والقصة التي نحن بصددها رواها محمد بن أيمن، فقد ذكر أن قاضي الجماعة وصاحب الصلاة سليمان بن أسود كان يدرك مدى حرص


(١) - المصدر السابق، ص ٢٥٤.
(٢) - قضاة قرطبة، ص ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>