للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخبره بما جرى، فتعجب الأمير من فعل القاضي وضحك على ذلك ضحكاً عظيماً (١).

ولقد كان قاضي الجماعة وصاحب الصلاة سليمان بن أسود شديد الحرص على أن تقام الصلاة في وقتها، ولذا فقد كان يقول لمؤذني جامع قرطبة "إذا حضر وقت الصلاة فلا تؤخروها عن وقتها وإن أحسستم أني نزلت عند باب الصومعة فلا تنتظروني وأقيموا الصلاة وصلوا (٢) ".

وخطبة الجمعة التي يلقيها صاحب الصلاة هي فرصة للتحدث عن بعض الأمور الهامة وذلك بصورة لا لبس فيها ولا غموض حتى وإن كان في الأمر تقريع للأمير أو الخليفة، من ذلك، أن الخليفة عبد الرحمن الناصر اشتغل ببناء مدينة الزهراء، فأخذت جل وقته، حتى أنه لم يشهد الصلاة ثلاث جمع متتالية، وعندما حضر الجمعة الرابعة أراد قاضي الجماعة وصاحب الصلاة منذر بن سعيد البلوطي تذكير الخليفة وموعظته، فاختار كلمات مناسبة لهذا الموقف وأجاد في الموعظة، فرقت قلوب الحاضرين وضجوا بالبكاء، ورغم أن الخليفة كان على علم تام بأنه هو المقصود، فقد كان أكثرهم بكاءً وتأثراً، لكنه حمل في نفسه على القاضي وأقسم ألا يصلي خلفه، فكان يذهب ويصلي في جامع قرطبة خلف صاحب الصلاة فيها أحمد بن مطرف، وعندما زيَّن له ابنه وولي عهده الحكم المستنصر


(١) - قضاة قرطبة، ص ٨٧ - ٨٨. النباهي، ص ٥٨ - ٥٩.
(٢) - قضاة قرطبة، ص ٨١.

<<  <  ج: ص:  >  >>