للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عزل منذر بن سعيد عن الصلاة في الزهراء زجره وانتهره وقال له "أمثل منذر بن سعيد في فضله وعلمه وخيره؟ لا أم لك! يعزل لإرضاء نفس ناكبة عن الحق! هذا مما لا يكون، وإني لأستحي من الله أن لا أجعل بيني وبينه في صلاة الجمعة شفيعا مثل منذر في ورعه وصدقه، ولكنه أحرجني فأقسمت، و لوددت أني أجد سبيلاً إلى كفارة يميني، بل يصلي بالناس حياته وحياتنا إن شاء الله (١) ".

ولم يقتصر الأمر بالنسبة للخليفة عبد الرحمن الناصر أن يُقَرَّع فقط من قبل قاضي الجماعة منذر ابن سعيد، بل لقد كان على موعد لموقف آخر مع صاحب الصلاة بجامع قرطبة الفقيه أحمد بن مطرف الأزدي الشهير بابن المشاط، المتوفى سنة (٣٥٢) هـ (٩٦٣ م) فقد عُرف هذا الفقيه بأنه كان يطيل خطبة الجمعة نوعاً ما، وهذا ما كان على خلاف رغبة الخليفة عبد الرحمن الناصر، ولذا فقد أرسل في أحد أيام الجمعة وزيره عثمان بن إدريس إلى ابن المشاط لإقناعه بضرورة قصر الخطبة، فوعد الفقيه الوزير أنه سيفعل إن تمكن، لكن الذي حصل خلاف ذلك، إذ أن ابن المشاط ألقى خطبة تعمد فيها الإطالة، وركز فيها على الوعظ حتى بكى وأبكى الناس وتحول المسجد إلى شبه مأتم، فما كان من الخليفة بعد


(١) - النباهي، ص ٧٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>