للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يكره القاضي ابن سلمة وولده أبا الجودي، وكان الأمير معجباً بهذا الفقيه لأنه كان يخدعه بإظهار الزهد (١)، ولذا عندما أعاد الحاجب ابن حدير الحديث مع الأمير حول أبي الجودي ووجد الأمير على رأيه السابق فيه وأنه لن يتغير عن موقفه إلا بدليل لا يقبل الشك، عندها أشار عليه الحاجب أن يستدعي الفقيه محمد بن وليد ويسأله عن رأيه بأبي الجودي، ففعل الأمير وسأل الفقيه عن مراده، فأجابه ذلك الفقيه بكل خبث، "إني - أكرم الله الأمير - ليست بيني وبين ولد القاضي خلطة، ولا أعرفه، غير أني رأيت الناس بعد صلاة الجمعة يعيدون الصلاة، فسألت عن ذلك، فقالوا: لما اعتل القاضي تقدم بالناس ابنه، فلم يرضوه فأعاد أكثر الناس الصلاة، فلما سمع الأمير هذا قال: لا يعيد الناس إلا من أمر عرفوه منه، لا يصلي بعد هذا" (٢).


(١) - عن الطريقة التي اتبعها الفقيه محمد بن وليد في خداع الأمير عبد الله بن محمد، انظر: المغرب في حلى المغرب، ١/ ١٥٤ - ١٥٥.
(٢) - المصدر السابق: ١/ ١٥٥. إن كل من اشترك ضد أبي الجودي يمكن اعتبارهم أصحاب دنيا تهمهم مناصبهم، ولكن الفقيه محمد ابن وليد يمتاز عنهم بأنه ممن يخدع الدنيا بالدين والعياذ بالله، فالأمير عبد الله يرى من ذلك الفقيه ما يدل على نزاهته وصدقه وزهده ولذا فقد ارتضى مقولته، وصنف هذا الفقيه هو صنف هدام لا يرقب في مؤمن إلا ولا ذمة، وكيف نستغرب منه افتراؤه على أبي الجودي وهو قد تجرأ بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟.

<<  <  ج: ص:  >  >>