للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ووتكرر إرساله لأمنائه، ففي سنة (٣٥٥) هـ (٩٦٦ م) بعث عدة من ثقاته وذلك لتفقد أحوال الرعية في سائر بلاد الأندلس، وقبل أن يغادروا قرطبة متجهين حيث أرسلوا، خاطبهم الخليفة قائلاً "إن لم تنصحوا فأنا المباشر لها بنفسي، فإني أنا المسئول عنهم، فما العذر بين يدي السائل (١) ".

ويبدو أن الخليفة قد وقف على تجاوزات كبيرة لبعض العمال، ولذا ففي سنة (٣٥٦) هـ، (٩٦٧ م) أوقع الخليفة بأولئك المتجاوزين الظالمين للرعية ونكل بهم (٢)، وكتب كتاباً بتعنيفهم قرئ على كافة منابر الأندلس، جاء فيه "أما بعد، فإن الله جل ثناؤه لا يظلم مثقال ذرة ولا يقوي الظالم، وهو الكفيل بنصرة المظلوم وقد أعد للظالمين عذاباً أليماً، وقد علمتم عنايتنا بالمسلمين وحفظهم حفيظتنا بالعباد، فأحفظتموها إلى العنف والاستبداد، وحماكم السخف المركب فيكم، ووصيتنا بالداني والقاصي والمطيع والعاصي ونبذتم بالعراء أمرنا، فلتراجع التوبة عما أنتم بسببه من الجور، وأثبتوا العدل {وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} (سورة الشعراء من الآية رقم (٢٢٧)) والسلام (٣).


(١) - نفسه، ١/ ١٧٢.
(٢) - البيان المغرب، ٢/ ٢٣٩. وقد جاء في ذكر بلاد الأندلس، ١/ ١٧٢. أن الخليفة أوقع بأولئك العمال في سنة ٣٥٥ هـ. ولكن الأقرب للصواب هو ماذهب إليه ابن عذري، وذلك لأن الوفد الذي شكل لتفقد أحوال الرعية غادر قرطبة في الربع الأخير من تلك السنة تقريباً فكيف يتم انجاز كل تلك المهام في مدة أربعة أشهر تقريباً؟
(٣) - ذكر بلاد الأندلس، ١/ ١٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>