وميزان العدالة لدى الخليفة الحكم المستنصر لا يعرف المحاباة لأحد دون أحد، حتى أقاربه لا يمكن استثناؤهم من الخضوع للحق، ولذا ففي يوم الاثنين صدر شهر شوال من سنة (٣٦٢) هـ (يوليو (٩٧٣) م) انتدب الخليفة الحكم الوزير صاحب المظالم عبد الرحمن بن موسى بن حدير للنظر في القضية المرفوعة من أهل اشبيلية ضد واليهم ابن الخال سعيد الذي يبدو أنه استغل منصبه فيما يعود عليه بالمنفعة المادية دون تجنب وقوع الحيف على أهل اشبيلية (١).
من ما مضى ندرك أن خطة المظالم أو بالأحرى صاحب المظالم جُعل لتنفيذ الحقوق ضد أولئك الأقوياء سواء كانوا أقارب للأمراء والخلفاء أو من يلوذ بهم، وإنصاف المستضعفين من طغيانهم.
ويبدو أن قاضي الجماعة وبالذات في المدة الأخيرة من عهد الدولة الأموية لم يعد من القوة بحيث ينفذ الحق على من وقع عليه دونما اعتبار لمكانته، ولذا أصبح صاحب المظالم صاحب اليد الطولى في هذا المجال.
فعندما عجز قاضي الجماعة عبد الرحمن بن فطيس عن إنفاذ الحق ضد وصيف مقرَّب من الحاجب المنصور بن أبي عامر، استغاث صاحب الحق بالمنصور ضد وصيفه، فما كان من المنصور إلا أن أمر صاحب