للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولكن مهما بلغت ثقافة المفتي الدينية، وتبحره في المسائل، فإنه لا يستغني أبداً عن الدربة التي تمكنه من فهم ما يلقى إليه من أسئلة، وقد اعترف كبار أهل الفتيا بالأندلس أنهم في مجالسهم الأولى عانوا بشدة من قلة الدربة، وفي هذا يقول ابن سهل: "وكثيرا ما سمعت شيخنا أبا عبد الله بن عتاب رضي الله عنه يقول: "الفتيا صنعة"، وقد قاله قبله أبو صالح أيوب بن سليمان بن صالح رحمه الله، قال: "الفتيا دربة، وحضور الشورى في مجالس الحكام منفعة وتجربة، وقد ابتليت بالفتيا فما دريت ما أقول في أول مجلس شاورني فيه سليمان بن أسود، وأنا أحفظ المدونة والمستخرجة الحفظ المتقن والتجربة أصل في كل فن ومعنى مفتقر إليه (١) ".

وهناك شروط لابد من توافرها في من سيتم اختياره للفتيا، وهي نفس الشروط الواجب توفرها فيمن يلي القضاء، إلا أن سلامة الحواس أمر يمكن تجاوزه عند اختيار المفتي.

ولدينا نماذج متعددة لفقهاء تولوا الفتيا بالأندلس لم يكونوا سليمي الحواس بصورة مكتملة من هؤلاء: -

الفقيه القرطبي محمد بن يوسف بن مطروح، المتوفى يوم عاشوراء سنة (٢٧١) هـ (يوليو (٨٨٤) م) كانت الفتيا دائرة عليه أيام الأمير محمد بن عبد الرحمن رغم أنه كان أعرجاً (٢).


(١) - المعيار المعرب، ١٠/ ٧٩.
(٢) - أخبار الفقهاء والمحدثين، ترجمة رقم ١٣١. ابن الفرضي، ترجمة رقم ١١١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>