ثمَّ إِن هَذَا العَبْد إِذا علم أَن الله تَعَالَى أمره بِكَذَا وَكَذَا، وَأَن الْمَلأ الْأَعْلَى تؤيد النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِيمَا يَأْمر، وَينْهى، وَعلم أَن إهمال هَذَا والإقدام على ذَلِك اجتراء على الله وتفريط فِي جنب الله، ثمَّ أقدم على الْعَمَل عَن قصد وَعمد، وَهُوَ يرى ويبصر - فَإِن ذَلِك لَا يكون إِلَّا لغاشية عَظِيمَة من الْحجب وانكسار تَامّ للملكية، وَذَلِكَ يُوجب قيام خَطِيئَة بِالنَّفسِ، وَإِذا أقدم على عمل شاق تنجم عَنهُ طَبِيعَته لَا لمراءة النَّاس، بل تقربا من الله وحفظا على مرضياته، فَإِن ذَلِك لَا يكون إِلَّا لغاشية عَظِيمَة من الْإِحْسَان وانكسار تَامّ للبهيمية، وَذَلِكَ يُوجب قيام حَسَنَة بِالنَّفسِ، أما من ترك صَلَاة وَقت من الْأَوْقَات، فَيجب أَن يبْحَث عَنهُ لم تَركهَا؟ وَأي شَيْء حمله على ذَلِك؟ فَإِن نَسِيَهَا، أَو نَام عَنْهَا، أَو جهل وُجُوبهَا، أَو شغل عَنْهَا بِمَا لَا يجد مِنْهُ بدا، فنص الْملَّة أَنه لَيْسَ بآثم، وَإِن تَركهَا وَهُوَ يعلم، ويتذكر،
وَأمره بِيَدِهِ، فَإِن ذَلِك لَا يكون لَا محَالة إِلَّا من حزازة فِي دينه، وغاشية شيطانية أَو نفسانية غشيت بصيرته، وَهُوَ يرجع إِلَى نَفسه، وَأما من صلى صَلَاة، وَخرج عَن عُهْدَة مَا وَجب عَلَيْهِ،