وَفِي رِوَايَة إِن قربك، فَلَا خِيَار لَك، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا بُد من ضرب حد يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْخِيَار، وَإِلَّا كَانَ لَهَا الْخِيَار طول عمرها، وَفِي ذَلِك قلب مَوْضُوع النِّكَاح، وَلَا يصلح اخْتِيَارهَا إِيَّاه بالْكلَام حَتَّى يَنْتَهِي إِلَيْهِ، لِأَنَّهَا رُبمَا تشَاور أَهلهَا، وتقلب الْأَمر فِي نَفسهَا وَكَثِيرًا مَا يجْرِي عِنْد ذَلِك صِيغَة الِاخْتِيَار وَإِن لم تجزم بِهِ، وَفِي إلجائها أَلا تَتَكَلَّم بِمِثْلِهَا حرج، فَلَا أَحَق من القربان إِذْ هُوَ فَائِدَة الْملك وَالشَّيْء الَّذِي يقْصد مِنْهُ وَالْأَمر الَّذِي يتم بِهِ، وَالله أعلم.
(الطَّلَاق)
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" أَيّمَا امْرَأَة سَأَلت زَوجهَا طَلَاقا من غير بَأْس فَحَرَام عَلَيْهَا رَائِحَة الْجنَّة "
، وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أبْغض الْحَلَال إِلَى الله الطَّلَاق " اعْلَم أَن فِي الأكثار من الطَّلَاق وجريان الرَّسْم بِعَدَمِ المبالاة بِهِ مفاسد كَثِيرَة، وَذَلِكَ أَن نَاسا ينقادون إِلَى لشَهْوَة الْفرج،
وَلَا يقصدون إِقَامَة تَدْبِير الْمنزل وَلَا التعاون فِي الارتفاقات وَلَا تحصين الْفرج، وَإِنَّمَا مطمح أَبْصَارهم التَّلَذُّذ بِالنسَاء وذوق لَذَّة كل امْرَأَة، فيهيجهم ذَلِك إِلَى أَن يكثروا الطَّلَاق وَالنِّكَاح، وَلَا فرق بَينهم وَيبين الزناة من جِهَة مَا يرجع إِلَى نُفُوسهم، وَإِن تميزوا عَنْهُم بِإِقَامَة سنة النِّكَاح والموافقة لسياسة الْمَدِينَة، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لعن الله الذواقين والذواقات " وَأَيْضًا فَفِي جَرَيَان الرَّسْم لذَلِك إهمال لتوطين النَّفس على المعاونة الدائمة أَو شبه الدائمة، وَعَسَى إِن فتح هَذِه الْبَاب أَن يضيق صَدره أَو صدرها فِي شَيْء من محقرات الْأُمُور، فيندفعان إِلَى الْفِرَاق، وَأَيْنَ ذَلِك من احْتِمَال أعباء الصُّحْبَة، وَالْإِجْمَاع على إدامة هَذَا النّظم؟ وَأَيْضًا فَإِن اعتيادهن بذلك وَعدم مبالاة النَّاس بِهِ وَعدم حزنهمْ عَلَيْهِ يفتح بَاب الوقاحة، وَألا يَجْعَل كل مِنْهُمَا ضَرَر الآخر ضَرَر نَفسه، وَأَن تخون كل وَاحِد الآخر يمهد لنَفسِهِ إِن وَقع الِافْتِرَاق، وَفِي ذَلِك مَا لَا يخفى، وَمَعَ ذَلِك لَا يُمكن سد هَذَا الْبَاب والتضيق، فِيهِ فانه قد يصير الزَّوْجَانِ متناشزين إِمَّا لسوء خلقهما أَو لطموح غين أَحدهمَا إِلَى حسن إِنْسَان آخر أَو لضيق معيشتهما أَو
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute