(آدَاب الطَّعَام)
وَاعْلَم أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ علم آدابا يتأدبون فِيهَا فِي الطَّعَام.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " بركَة الطَّعَام والضوء قبله وَالْوُضُوء بعده " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" كيلوا طَعَامكُمْ يُبَارك لكم " وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام: " إِذا أكل أحدكُم طَعَاما فَلَا يَأْكُل من أَعلَى الصحفة وَلَكِن ليَأْكُل من أَسْفَلهَا فان الْبركَة تنزل من أَعْلَاهَا ".
أَقُول: من الْبركَة أَن تشبع النَّفس، وتقر الْعين، وينجمع الخاطر، وَلَا يكون هاعا لاعا كَالَّذي يَأْكُل وَلَا يشْبع.
تَفْصِيل ذَلِك أَنه رُبمَا يكون رجلَانِ عِنْد كل مِنْهُمَا مائَة دِرْهَم، وَأَحَدهمَا يخْشَى الْعيلَة ويطمع فِي أَمْوَال النَّاس وَلَا يَهْتَدِي لصرف مَاله فِيمَا يَنْفَعهُ فِي دينه ودنياه، وَالْآخر متعفف يحسبه الْجَاهِل غَنِيا مقتصدا فِي معيشته منجمعا فِي نَفسه.
فَالثَّانِي بورك لَهُ فِي مَاله، وَالْأول لم يُبَارك لَهُ، وَمن الْبركَة أَن يصرف الشَّيْء فِي الْحَاجة وَيَكْفِي عَن أَمْثَاله.
تَفْصِيله أَنه رُبمَا يكون رجلَانِ يَأْكُل كل وَاحِد رطلا يصرف طبيعة أَحدهمَا إِلَى تغذية الْبدن وَيحدث فِي معدة الآخر آفَة فَلَا يَنْفَعهُ مَا أكل بل رُبمَا صَار ضارا، وَرُبمَا يكون لكل مِنْهُمَا مَال فَيصْرف أَحدهمَا فِي مثل ضَيْعَة كَثِيرَة الرِّيف ويهتدي لتدبير المعاش، وَالثَّانِي يبذر تبذيرا فَلَا يَقع من حَاجته فِي شَيْء.
وَإِن لهيآت النَّفس وعقائدها مدخلًا فِي ظُهُور الْبركَة، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
: " فَمن اخذه بإشراف نفس لم يُبَارك لَهُ فِيهِ وَكَانَ كَالَّذي لَا يَأْكُل وَلَا يشْبع " وَلذَلِك تزلق رجل الْمَاشِي على الْجذع فِي الجو دون الأَرْض فَإِذا أقبل على شَيْء بالهمة وَأَرَادَ بِهِ أَن يَقع كِفَايَة عَن حَاجته وَجمع نَفسه فِي ذَلِك كَانَ سَبَب قوه عينه وانجماع خاطره وتعفف نَفسه، وَرُبمَا يسري ذَلِك إِلَى الطبيعة فصرفت فِيمَا لَا بُد مِنْهُ، فَإِذا عسل يَدَيْهِ قبل الطَّعَام وَنزع النَّعْلَيْنِ وَاطْمَأَنَّ فِي مَجْلِسه وَأَخذه اعتدادا بِهِ وَذكر اسْم الله أفيضت عَلَيْهِ الْبركَة، وَإِذا كال الطَّعَام وَعرف مِقْدَاره واقتصد فِي صرفه وَصَرفه على عينه كَانَ أدنى أَن يَكْفِيهِ اقل مِمَّا لَا يَكْفِي الآخرين، وَإِذا جعل الطَّعَام بهيئة مُنكرَة تعافها الْأَنْفس وَلَا تَعْتَد بِهِ لأَجلهَا كَانَ أدنى أَلا يكفى أَكثر مِمَّا يَكْفِي الآخرين كَيفَ وَلَا أَظن أَن أحدا يخفى عَلَيْهِ أَن الْإِنْسَان رُبمَا يَأْكُل الرَّغِيف
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute