للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عَنْهُم.

وَأُلْقِي ملك أَيْلَة فِي أسر خَالِد من حَيْثُ لم يحْتَسب.

فَلَمَّا قوي الْإِسْلَام وَدخل النَّاس فِي دين الله أَفْوَاجًا أوحى الله إِلَى نبيه أَن ينْبذ عهد كل معاهد من الْمُشْركين، وَنزلت سُورَة بَرَاءَة.

وَأَرَادَ المباهلة من نَصَارَى نَجْرَان فعجزوا واختاروا الْجِزْيَة،

ثمَّ خرج إِلَى الْحَج وَحضر مَعَه نَحْو من مائَة ألف وَأَرْبَعَة وَعِشْرُونَ ألفا فَأَرَاهُم مَنَاسِك الْحَج ورد تحريفات الشّرك.

وَلما تمّ أَمر الْإِرْشَاد واقترب أَجله بعث الله جِبْرَائِيل فِي صُورَة رجل يرَاهُ النَّاس فَسَأَلَ النَّبِي عَلَيْهِ السَّلَام عَن الْإِيمَان. وَالْإِسْلَام. والاحسان والساعة فَبين النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَصدقه جِبْرَائِيل ليَكُون ذَلِك كالفذلكة لدينِهِ،

وَلما مرض لم يزل يذكر الرفيق الْأَعْلَى ويحن إِلَيْهِم حَتَّى توفاه الله ثمَّ تكفل أَمر مِلَّته فنصب قوما لَا يخَافُونَ لومة لائم فَقَاتلُوا المتنبئين وَالروم والعجم حَتَّى تمّ أَمر الله وَوَقع وعده صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وعَلى آله وَأَصْحَابه وَسلم.

(الْفِتَن)

اعْلَم أَن الْفِتْنَة على أَقسَام: فتْنَة الرجل فِي نَفسه بِأَن يقسوا قلبه فَلَا يجد حلاوة الطَّاعَة وَلَا لَذَّة الْمُنَاجَاة، وَإِنَّمَا الْإِنْسَان ثَلَاث شعب.

قلب هُوَ مبدأ الْأَحْوَال كالغضب. والجراءة. وَالْحيَاء. والمحبة. وَالْخَوْف، وَالْقَبْض. والبسط وَنَحْوهَا.

وعقل هُوَ مبدأ الْعُلُوم الَّذِي يَنْتَهِي إِلَيْهِ الْحَواس كالأحكام البديهية من التجربة والحدس وَنَحْوهمَا والنظرية من الْبُرْهَان والخطابية وَنَحْوهمَا.

وطبع هُوَ مبدأ اقْتِضَاء النَّفس مَا لَا بُد مِنْهُ أَو لَا بُد من جنسه فِي بَقَاء الْبَيِّنَة كالداعية المنبجسة من شَهْوَة الطَّعَام. وَالشرَاب. وَالنَّوْم. وَالْجِمَاع. وَنَحْوهَا.

فالقلب مهما غلبت عَلَيْهِ خِصَال البهيمية فَكَانَ قَبضه وَبسطه نَحْو قبض الْبَهَائِم وبسطها الحاصلين من طبيعة وَوهم كَانَ قلبا بهيميا، وَمهما قبل من الشَّيَاطِين وسوستهم فِي النّوم واليقظة يُسمى الْإِنْسَان شَيْطَان الْأنس، وَمهما غلب عَلَيْهِ خِصَال الملكية يُسمى قلبا إنسانيا فَيكون خَوفه ومحبته وَمَا يشبههما مائلة إِلَى اعتقادات حقة حصلها، وَمهما قوى صفاؤها وَعظم نوره كَانَ روحا فَيكون بسطا بِلَا قبض وألفة بِلَا قلق؛ وَكَانَت أَحْوَاله أنفاسا، وَكَانَت الْخَواص الملكية كالديدن لَهُ دون الْأُمُور المكتسبة بسعي.

<<  <  ج: ص:  >  >>