قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " لَيْسَ فِيمَا دون خَمْسَة أوسق من التَّمْر صَدَقَة، وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس أَوَاقٍ من الْوَرق صَدَقَة وَلَيْسَ فِيمَا دون خمس ذود من الْإِبِل صَدَقَة ".
أَقُول: إِنَّمَا قدر من الْحبّ وَالتَّمْر خَمْسَة أوسق لِأَنَّهَا تَكْفِي أقل أهل بَيت إِلَى سنة، وَذَلِكَ لِأَن أقل الْبَيْت الزَّوْج وَالزَّوْجَة وثالث خَادِم أَو ولد بَينهمَا، وَمَا يضاهي ذَلِك من أقل الْبيُوت، وغالب قوت الْإِنْسَان رَطْل أَو مد من الطَّعَام، فَإِذا أكل كل وَاحِد من هَؤُلَاءِ ذَلِك الْمِقْدَار كفاهم لسنة، وَبقيت بَقِيَّة لنوائبهم أَو إدَامهمْ، وَإِنَّمَا قدر من الْوَرق خمس أوراق لِأَنَّهَا مِقْدَار يَكْفِي أقل أهل بَيت سنة كَامِلَة إِذا كَانَت الأسعار مُوَافقَة فِي أَكثر الأقطار، واستقرئ عادات الْبِلَاد المعتدلة فِي الرُّخص والغلاء وتجد ذَلِك، وَإِنَّمَا قدر من الْإِبِل خَمْسَة ذود وَجعل زَكَاته شَاة، وَإِن كَانَ الأَصْل أَلا تُؤْخَذ الزَّكَاة إِلَّا من جنس المَال وَأَن يَجْعَل النّصاب عددا لَهُ بَال لِأَن الأبل أعظم الْمَوَاشِي جثة وأكثرها فَائِدَة يُمكن أَن تذبح، وتركب، وتحلب، وَيطْلب مِنْهَا النَّسْل، ويستدفأ بأوبارها وجلودها، وَكَانَ بَعضهم يقتني نَجَائِب قَليلَة تَكْفِي كِفَايَة الصرمة، وَكَانَ الْبَعِير يُسَوِّي فِي ذَلِك الزَّمَان بِعشر شِيَاه وبثمان شِيَاه. واثتني عشر شَاة، كَمَا ورد فِي كثير من الْأَحَادِيث فَجعل خمس ذود فِي حكم أدنى نِصَاب من من الْغنم، وَجعل فِيهَا شَاة.
أَقُول: ذَلِك لِأَنَّهُ لم تجر الْعَادة باقتناء الرَّقِيق للتناسل، وَكَذَا الْخَيل فِي كثير من الأقاليم، لَا تكْثر كَثْرَة يعْتد بهَا فِي جنب الْأَنْعَام، فَلم يَكُونَا من الْأَمْوَال النامية اللَّهُمَّ إِلَّا بِاعْتِبَار التِّجَارَة.
وَقد استفاض من رِوَايَة ابي بكر الصّديق. وَعمر بن الْخطاب. وَعلي بن أبي طَالب. وَابْن مَسْعُود. وَعَمْرو بن حزم. وَغَيرهم رَضِي الله عَنْهُم، بل صَار متواترا بَين الْمُسلمين أَن زَكَاة الْإِبِل فِي كل خمس شَاة فَإِذا بلغت خمْسا وَعشْرين إِلَى خمس وَثَلَاثِينَ فَفِيهَا بنت مَخَاض فَإِذا بلغت سِتا وَثَلَاثِينَ إِلَى خمس وَأَرْبَعين فَفِيهَا بنت لبون،