للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَطول الصُّحْبَة يكون سَبَب قلَّة النشاط وعسر التستر وَعدم الِالْتِفَات، فَلذَلِك جرت السّنة أَن السّتْر عَن الْمَحَارِم دون السّتْر عَن غَيرهم:

(صفة النِّكَاح)

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

لَا نِكَاح إِلَّا بولِي " اعْلَم أَنه لَا يجوز أَن يحكم فِي النِّكَاح النِّسَاء خَاصَّة لنُقْصَان عقلهن وَسُوء فكرهن، فكثيرا مَا لَا يهتدين الْمصلحَة، وَلعدم حماية الْحسب مِنْهُنَّ غَالِبا، فَرُبمَا رغبن فِي غير الْكُفْء وَفِي ذَلِك عَار على قَومهَا، فَوَجَبَ أَن يَجْعَل للأولياء شَيْء من هَذَا الْبَاب لتسد الْمفْسدَة، وَأَيْضًا فَإِن السّنة الفاشية فِي النَّاس من قبل ضروره جبلية أَن يَكُونُوا الرِّجَال قوامين على النِّسَاء، وَيكون بيدهم الْحل وَالْعقد وَعَلَيْهِم النَّفَقَات وَإِنَّمَا النِّسَاء عوان بِأَيْدِيهِم، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:

{الرِّجَال قوامون على النِّسَاء بِمَا فضل الله بَعضهم} . الْآيَة،

وَفِي اشْتِرَاط الْوَلِيّ فِي النِّكَاح تنويه أَمرهم، واستبداد النِّسَاء بِالنِّكَاحِ وقاحة مِنْهُنَّ، منشؤها قلَّة الْحيَاء واقتضاب على الْأَوْلِيَاء وَعدم اكتراث لَهُم، وَأَيْضًا يجب أَن يُمَيّز النِّكَاح من السفاح بالتشهير، وأحق التشهير أَن يحضرهُ أولياؤها.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" لَا تنْكح الثّيّب حَتَّى تستأمر، وَلَا الْبكر حَتَّى تستأذن، وإذنها الصموت " وَفِي رِوَايَة " الْبكر يستأذنها أَبوهَا " أَقُول:

لَا يجوز أَيْضا أَن يحكم الْأَوْلِيَاء فَقَط لأَنهم لَا يعْرفُونَ مَا تعرف الْمَرْأَة من نَفسهَا وَلِأَن حَار العقد وقاره راجعان إِلَيْهَا، والاستثمار طلب أَن تكون هِيَ الآمره صَرِيحًا، والاستئذان طلب أَن تَأذن، وَلَا تمنع، وَأَدْنَاهُ السُّكُوت، وَإِنَّمَا المُرَاد اسْتِئْذَان الْبكر الْبَالِغَة دون الصَّغِيرَة كَيفَ وَلَا رَأْي لَهَا، وَقد زوج أَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ عَائِشَة رَضِي الله عَنْهَا من رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهِي بنت سِتّ سِنِين.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إيما عبد تزوج بِغَيْر إِذن سَيّده فَهُوَ عاهر " أَقُول: لما كَانَ العَبْد مَشْغُولًا بِخِدْمَة مَوْلَاهُ، وَالنِّكَاح وَمَا يتَفَرَّع عَلَيْهِ من الْمُوَاسَاة مَعهَا والتخلي بهَا رُبمَا ينقص من خدمته وَحب أَن تكون السّنة أَن يتَوَقَّف نِكَاح العَبْد على إِذن مَوْلَاهُ، وَأما حَال الْأمة فَأولى أَن يتَوَقَّف نِكَاحهَا على إِذن مَوْلَاهَا، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:

<<  <  ج: ص:  >  >>