أَقُول: يتَأَكَّد اسْتِحْبَاب الْمُوَاسَاة فِي هَذِه فِيمَا كَانَ مَمْلُوكا وَمَا لَيْسَ بمملوك أمره ظَاهر.
(أَحْكَام البيع)
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" رحم الله رجلا سَمحا إِذا بَاعَ، وَإِذا اشْترى، وَإِذا اقْتضى " أَقُول: السماحة من أصُول الْأَخْلَاق الَّتِي تتهذب بهَا النَّفس، وتتخلص بهَا عَن إحاطة الْخَطِيئَة، وَأَيْضًا فِيهَا نظام الْمَدِينَة، وَعَلَيْهَا بِنَاء التعاون، وَكَانَت الْمُعَامَلَة بِالْبيعِ وَالشِّرَاء والاقتضاء مَظَنَّة لضد السماحة، فسجل النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على استحبابها.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" الْحلف منفقة للسلعة ممحقة للبركة " أَقُول: يكره إكثار الْحلف فِي البيع لشيئين: كَونه مَظَنَّة لتغرير المتعاملين، وَكَونه سَببا لزوَال تَعْظِيم اسْم الله من الْقلب، وَالْحلف الْكَاذِب منفقة للسلعة لِأَن مبْنى الانفاق فِي تَدْلِيس المُشْتَرِي، وممحقة للبركة لِأَن مبْنى الْبركَة على توجه دُعَاء الْمَلَائِكَة إِلَيْهِ، وَقد تَبَاعَدت بالمعصية بل دعت عَلَيْهِ.
وَقَالَ عَلَيْهِ السَّلَام:
" يَا معشر التُّجَّار إِن البيع يحضرهُ اللَّغْو وَالْحلف فشوبوه بِالصَّدَقَةِ " أَقُول: فِيهِ تَكْفِير الْخَطِيئَة وجبر مَا فرط من غلواء النَّفس.
وَقَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاة وَالسَّلَام، فِيمَن بَاعَ بِالدَّنَانِيرِ وَأخذ مَكَانهَا الدَّرَاهِم: " لَا بَأْس أَن تأخذها بِسعْر يَوْمهَا مَا لم تفترقا وبينكما شَيْء ".
أَقُول. لِأَنَّهُمَا إِن افْتَرقَا وَبَينهمَا شَيْء مثل أَن يجعلا تَمام صرف الدِّينَار بِالدَّرَاهِمِ مَوْقُوفا على مَا يَأْمر بِهِ الصيرفيون، أَو على أَن يزنه الْوزان أَو مثل ذَلِك كَانَ مَظَنَّة أَن يحْتَج بِهِ المحتج، ويناقش فِيهِ المناقش، وَلَا تصفوا الْمُعَامَلَة.
" من ابْتَاعَ نخلا بعد أَن تؤبر فثمرتها للْبَائِع إِلَّا أَن يشْتَرط الْمُبْتَاع " أَقُول: ذَلِك لِأَنَّهُ عمل زَائِد عَن أصل الشَّجَرَة، وَقد ظَهرت الثَّمَرَة على ملكه وَهُوَ يشبه الشَّيْء الْمَوْضُوع فِي الْبَيْت فَيجب أَن يُوفى لَهُ حَقه إِلَّا أَن يُصَرح بِخِلَافِهِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute