السّفر، فَنَقُول: هُوَ مَعْلُوم بِالْقِسْمَةِ. والمثال: يعلم جَمِيع أهل اللِّسَان أَن الْخُرُوج من مَكَّة إِلَى الْمَدِينَة، وَمن الْمَدِينَة إِلَى خَيْبَر سفر لَا محَالة، وَقد ظهر من فعل الصَّحَابَة وَكَلَامهم، أَن الْخُرُوج من مَكَّة إِلَى جدة. وَإِلَى الطَّائِف. وَإِلَى عسفان وَسَائِر مَا يكون الْمَقْصد فِيهِ على أَرْبَعَة برد سفر، ويعلمون أَيْضا أَن الْخُرُوج من الوطن على أَقسَام: تردد إِلَى الزَّارِع والبساتين وهيمان بِدُونِ تعْيين مقصد سفر، ويعلمون أَن اسْم اُحْدُ هَذِه لَا يُطلق على الآخر، وسبيل الِاجْتِهَاد أَن يَسْتَقْرِئ الْأَمْثِلَة الَّتِي يُطلق عَلَيْهَا الِاسْم عرفا وَشرعا، وَأَن يسبر الْأَوْصَاف الَّتِي بهَا يُفَارق أَحدهَا قسيمة، فَيجْعَل أعمها فِي مَوضِع
الْجِنْس، واخصها فِي مَوضِع الْفَصْل، فَعلمنَا أَن الِانْتِقَال من الوطن جُزْء نَفسِي، إِذْ من كَانَ ثاويا فِي مَحل إِقَامَته لَا يُقَال لَهُ: مُسَافر، وَأَن الِانْتِقَال إِلَى مَوضِع معِين جُزْء نَفسِي، وَإِلَّا كَانَ هيمانا لَا سفرا، وَأَن كَون ذَلِك الْموضع بِحَيْثُ لَا يُمكن لَهُ الرُّجُوع مِنْهُ إِلَى مَحل إِقَامَته فِي يَوْمه وأوائل ليلته جُزْء نَفسِي، وَإِلَّا كَانَ مثل التَّرَدُّد إِلَى الْبَسَاتِين والمزارع، وَمن لَازمه أَن يكون مسيرَة يَوْم تَامّ - وَبِه قَالَ سَالم - لَكِن مسير أَرْبَعَة برد مُتَيَقن، وَمَا دونه مَشْكُوك وَصِحَّة هَذَا الِاسْم يكون بِالْخرُوجِ من سور الْبَلَد أَو حلَّة الْقرْيَة أَو بيوتها بِقصد مَوضِع هُوَ على أَرْبَعَة برد، وَزَوَال هَذَا الِاسْم إِنَّمَا يكون بنية الْإِقَامَة مُدَّة صَالِحَة يعْتد بهَا فِي بَلَده أَو قربه.
وَمِنْهَا الْجمع بَين الظّهْر. وَالْعصر. وَالْمغْرب. وَالْعشَاء، وَالْأَصْل فِيهِ مَا أَشَرنَا أَن الْأَوْقَات الْأَصْلِيَّة ثَلَاثَة: الْفجْر. وَالظّهْر. وَالْمغْرب، وَإِنَّمَا اشتق الْعَصْر من الظّهْر، وَالْعشَاء من الْمغرب لِئَلَّا تكون الْمدَّة الطَّوِيلَة صلَة بَين الذكرين، وَلِئَلَّا يكون النّوم على صفة الْغَفْلَة، فشرع، لَهُم جمع التَّقْدِيم وَالتَّأْخِير لكنه لم يواظب عَلَيْهِ وَلم يعزم عَلَيْهِ مثل مَا فعل فِي الْقصر.
وَمِنْهَا ترك السّنَن فَكَانَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وَأَبُو بكر. وَعمر. وَعُثْمَان رَضِي الله عَنْهُم لَا يسبحون إِلَّا سنة الْفجْر وَالْوتر.
وَمِنْهَا الصَّلَاة على الرَّاحِلَة حَيْثُ تَوَجَّهت بِهِ يُومِئ إِيمَاء وَذَلِكَ فِي النَّوَافِل وَسنة الْفجْر. وَالْوتر لَا الْفَرَائِض.
وَمن الْأَعْذَار الْخَوْف، وَقد صلى رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَلَاة الْخَوْف على أنحاء كَثِيرَة.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute