لطعام وَلَا غَيره " إِذْ يُمكن تَنْزِيل كل وَاحِد على صُورَة أَو معنى إِذْ المُرَاد نفي وجوب الْحُضُور سدا لباب التعمق، وَعدم التَّأْخِير هُوَ الْوَظِيفَة لمن أَمن شَرّ التعمق، وَذَلِكَ كتنزيل فطر الصَّائِم وَعَدَمه على الْحَالين، أَو التَّأْخِير إِذا كَانَ تشوف إِلَى الطَّعَام، أَو خوف ضيَاع وَعَدَمه إِذا لم يكن، وَذَلِكَ مَأْخُوذ من حَالَة الْعلَّة.
وَمِنْهَا مَا إِذا كَانَ خوف فتْنَة كامرأة أَصَابَت بخورا، وَلَا اخْتِلَاف بَين قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِذا اسْتَأْذَنت امْرَأَة أحدكُم إِلَى الْمَسْجِد فَلَا يمْنَعهَا " وَبَين مَا حكم بِهِ جُمْهُور الصَّحَابَة من مَنعهنَّ إِذْ الْمنْهِي الْغيرَة الَّتِي تنبعث من الأنفة دون خوف الْفِتْنَة، والجائز مَا فِيهِ خوف الْفِتْنَة، وَذَلِكَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْغيرَة غيرتان " الحَدِيث، وَحَدِيث عَائِشَة " إِن النِّسَاء أحدثن " الحَدِيث.
وَمِنْهَا الْخَوْف وَالْمَرَض، وَالْأَمر فيهمَا الظَّاهِر، وَمعنى قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ
للأعمى أتسمع النداء بِالصَّلَاةِ؟ قَالَ: نعم، قَالَ: فأجب أَن سُؤَاله كَانَ فِي الْعَزِيمَة فَلم يرخص لَهُ.
ثمَّ وَقعت الْحَاجة إِلَى بَيَان الأحق بِالْإِمَامَةِ، وَكَيْفِيَّة الِاجْتِمَاع، وَوَصِيَّة الإِمَام أَن يُخَفف بالقوم، والمأمومين أَن يحافظوا على اتِّبَاعه، وقصة معَاذ رَضِي الله عَنهُ فِي الإطالة مَشْهُورَة، فَبين هَذِه الْمعَانِي بأوكد وَجه، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يؤم الْقَوْم أقرؤهم للْكتاب الله فَإِن كَانُوا فِي الْقِرَاءَة سَوَاء فأعلمهم بِالسنةِ، فَإِن كَانُوا فِي السّنة سَوَاء فأقدمهم هِجْرَة، فَإِن كَانُوا فِي الْهِجْرَة سَوَاء فأقدمهم سنا، وَلَا يُؤمن الرجل الرجل فِي سُلْطَانه ".
وَسبب تَقْدِيم الأقرأ أَنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حد للْعلم حدا مَعْلُوما كَمَا بَينا، وَكَانَ أول مَا هُنَالك معرفَة كتاب الله لِأَنَّهُ أصل الْعلم، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ من شَعَائِر الله، فَوَجَبَ أَن يقدم صَاحبه، وينوه بِشَأْنِهِ؛ ليَكُون ذَلِك دَاعيا إِلَى التنافس فِيهِ، وَلَيْسَ كَمَا يظنّ أَن السَّبَب احْتِيَاج الْمُصَلِّي إِلَى الْقِرَاءَة فَقَط، وَلَكِن الأَصْل حملهمْ على المنافسة فِيهَا، وَإِنَّمَا تدْرك الْفَضَائِل بالمنافسة، وَسبب خُصُوص الصَّلَاة بِاعْتِبَار المنافسة احتياجها إِلَى الْقِرَاءَة فليتدبر.
ثمَّ من بعْدهَا معرفَة السّنة لِأَنَّهُ تلو الْكتاب، وَبهَا قيام الْملَّة، وَهِي مِيرَاث النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قومه.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute