للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الله بهما خيرا مِنْهُمَا يَوْم الْأَضْحَى وَيَوْم الْفطر " قيل: هما النيروز. والمهرجان، وَإِنَّمَا بَدَلا لِأَنَّهُ مَا من عيد فِي النَّاس إِلَّا وَسبب وجوده تنويه بشعائر دين، أَو مُوَافقَة أَئِمَّة مَذْهَب، أَو شَيْء مِمَّا يضاهي ذَلِك، فخشي النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِن تَركهم وعادتهم أَن يكون هُنَالك تنويه بشعائر الْجَاهِلِيَّة، أَو ترويج لسنة أسلافها، فأبدلهما بيومين فيهمَا تنويه بشعائر الْملَّة الحنيفية وَضم مَعَ التجميل فيهمَا ذكر الله وأبوابا من الطَّاعَة، لِئَلَّا يكون اجْتِمَاع الْمُسلمين بمحض اللّعب، وَلِئَلَّا يخلوا اجْتِمَاع مِنْهُم من إعلاء كلمة الله.

أَحدهمَا يَوْم فطر صِيَامهمْ وَأَدَاء نوع من زكاتهم، فَاجْتمع الْفَرح الطبيعي من قبل تفرغهم عَمَّا يشق عَلَيْهِم وَأخذ الْفَقِير الصَّدقَات، والعقلي من قبل الابتهاج مِمَّا أنعم الله عَلَيْهِم من توفيق أَدَاء مَا افْترض عَلَيْهِم، وأسبل عَلَيْهِم من إبْقَاء رُءُوس الْأَهْل وَالْولد إِلَى سنة أُخْرَى.

وَالثَّانِي يَوْم ذبح إِبْرَاهِيم وَلَده إِسْمَاعِيل عَلَيْهِمَا السَّلَام وإنعام الله عَلَيْهِمَا بِأَن فدَاه بِذبح عَظِيم، إِذْ فِيهِ تذكر حَال أَئِمَّة الْملَّة الحنيفية وَالِاعْتِبَار بهم فِي بذل المهج وَالْأَمْوَال فِي طَاعَة الله وَقُوَّة الصَّبْر، وَفِيه تشبه بالحاج وتنويه بهم وشوق لما هم فِيهِ، وَلذَلِك سنّ التَّكْبِير وَهُوَ قَوْله تَعَالَى:

{ولتكبروا الله على مَا هدَاكُمْ} .

يَعْنِي شكرا لما وفقكم للصيام، وَلذَلِك سنّ الْأُضْحِية والجهر فِي بِالتَّكْبِيرِ أَيَّام منى، وَاسْتحبَّ ترك الْحلق لمن قصد التَّضْحِيَة، وَسن الصَّلَاة وَالْخطْبَة لِئَلَّا يكون شَيْء من اجْتِمَاعهم بِغَيْر ذكر الله وتنويه شَعَائِر الدّين.

وَضم مَعَه مقصوا آخر من مَقَاصِد الشَّرِيعَة، وَهُوَ أَن كل مِلَّة لَا بُد لَهَا من عرضة يجْتَمع فِيهَا أَهلهَا؛ لتظهر شوكتهم، وَتعلم كثرتهم، وَلذَلِك اسْتحبَّ خُرُوج الْجَمِيع حَتَّى الصّبيان وَالنِّسَاء وَذَوَات الْخُدُور وَالْحيض ويعتزلن الْمصلى، ويشهدن دَعْوَة الْمُسلمين - وَلذَلِك كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَالف فِي الطَّرِيق ذَهَابًا وإيابا؛ ليطلع أهل كلتا الطَّرِيقَيْنِ على شَوْكَة الْمُسلمين.

وَلما كَانَ أصل الْعِيد الزِّينَة اسْتحبَّ حسن اللبَاس والتقليس وَمُخَالفَة الطَّرِيق وَالْخُرُوج إِلَى الْمصلى.

وَسنة صَلَاة الْعِيدَيْنِ أَن يبْدَأ بِالصَّلَاةِ من غير أَذَان وَلَا إِقَامَة يجْهر فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ يقْرَأ عِنْد إِرَادَة التَّخْفِيف -

<<  <  ج: ص:  >  >>