لَك إِلَّا شريك هُوَ لَك، وَمن حق هَذِه الْأَعْمَال أَن ينْهَى عَنْهَا ويؤكد فِي ذَلِك، وأعمالا انتحلوها فخرا وعجبا كَقَوْل حمس: نَحن قطان الله، فَلَا نخرج من حرم الله فَنزل:
{ثمَّ أفيضوا من حَيْثُ أَفَاضَ النَّاس} .
وكذكرهم أباءهم ايام منى فَنزل:
{فاذكروا الله كذكركم آبَاءَكُم أَو أَشد ذكرا} .
وَلما استشعر الْأَنْصَار هَذَا الأَصْل تحرجوا فِي السَّعْي بَين الصَّفَا والمروا حَتَّى نزل
{إِن الصَّفَا والمروة من شَعَائِر الله} .
وَمِنْهَا أَنهم كَانُوا ابتدعوا قياسات فَاسِدَة هِيَ من بَاب التعمق فِي الدّين، وفيهَا حرج للنَّاس، وَمن حَقّهَا أَن تنسخ وتهجر كَقَوْلِهِم: يجْتَنب الْمحرم دُخُول الْبيُوت من أَبْوَابهَا وَكَانُوا يتسورون من ظُهُورهَا ظنا مِنْهُم أَن الدُّخُول من الْبَاب ارتفاق يُنَافِي هَيْئَة الْإِحْرَام فَنزل:
{وَلَيْسَ الْبر بِأَن تَأْتُوا الْبيُوت من ظُهُورهَا} .
وككراهيتهم فِي التِّجَارَة موسم الْحَج ظنا مِنْهُم أَنَّهَا تخل باخلاص الْعَمَل لله، فَنزل:
{لَيْسَ عَلَيْكُم جنَاح أَن تَبْتَغُوا فضلا من ربكُم} .
وكاستحبابهم أَن يحجوا بِلَا زَاد، ويقولوا: نَحن المتوكلون وَكَانُوا يضيقون على النَّاس ويعتدون. فَنزل:
{وتزودوا فَإِن خير الزَّاد التَّقْوَى} .
وكقولهم من أفجر الْفُجُور الْعمرَة فِي أَيَّام الْحَج، وَقَوْلهمْ
إِذا انْسَلَخَ صفر، وبرأ الدبر، وَعَفا الْأَثر حلت الْعمرَة لمن اعْتَمر وَفِي ذَلِك حرج للآفاقى حَيْثُ يَحْتَاجُونَ إِلَى تَجْدِيد السّفر للْعُمْرَة، فَأَمرهمْ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي حجَّة الْوَدَاع أَن يخرجُوا من الْإِحْرَام بِعُمْرَة، ويحجوا بعد ذَلِك، وشدد الْأَمر فِي ذَلِك ينكلهم على عَادَتهم وَمَا ركز فِي قُلُوبهم.
قَالَ رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يَا أَيهَا النَّاس قد فرض عَلَيْكُم الْحَج فحجوا، فَقَالَ رجل: أكل عَام يَا رَسُول الله، فَسكت حَتَّى قَالَهَا ثَلَاثًا، فَقَالَ: لَو قلت: نعم لَوَجَبَتْ وَلما اسْتَطَعْتُم " اقول: سره أَن الْأَمر الَّذِي يعد لنزول وَحي الله بتوقيت خَاص هُوَ إقبال الْقَوْم على