وَبَين هَاتين الخلتين تنافر ومناقضة من وَجه، وَذَلِكَ لِأَن ميل الْقلب إِلَى التجرد وانقياده للرحمة والمودة يتخالفان فِي حق أَكثر النَّاس لَا سِيمَا أهل التجاذب، وَلذَلِك ترى كثيرا من أهل الله تبتلوا، وانقطعوا من النَّاس وباينوا الْأَهْل وَالْولد، وَكَانُوا من النَّاس على شقّ بعيد، وَترى الْعَامَّة قد أحاطت بهم معافسة الْأزْوَاج وَالْأَوْلَاد حَتَّى أنساهم ذكر الله، والأنبياء
عَلَيْهِم السَّلَام لَا يأمرون إِلَّا برعاية المصلحتين، وَلذَلِك أَكْثرُوا الضَّبْط وتمييز الْمُشكل فِي هَاتين الخلتين، فَهَذِهِ هِيَ الْأَخْلَاق الْمُعْتَبرَة فِي الشَّرَائِع، وهنالك أَفعَال وهيآت تفعل فعل تِلْكَ الْأَخْلَاق وأضدادها من جِهَة أَنَّهَا تعطيها مزاج الْمَلَائِكَة وَالشَّيَاطِين، أَو تنبعث من ميل