للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَسُئِلَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن اشْتِرَاء التَّمْر بالرطب، فَقَالَ: أينقص إِذا

يبس؟ فَقَالَ. نعم، فَنَهَاهُ عَن ذَلِك " أَقُول: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أحد وُجُوه الميسر؛ وَفِيه احْتِمَال رَبًّا الْفضل، فَإِن الْمُعْتَبر حَتَّى تَمام الشَّيْء.

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" قلادة فِيهَا ذهب وخرز: " لَا تبَاع حَتَّى تفصل " أَقُول: وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أحد وُجُوه الميسر ومظنة أَن يغبن أَحدهمَا، فيسكت على غيظ، أَو يُخَاصم فِي غير حق.

وَاعْلَم أَن النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعث فِي الْعَرَب، وَلَهُم معاملات وبيوع، فَأوحى الله إِلَيْهِ كَرَاهِيَة بَعْضهَا وَجَوَاز بَعْضهَا، والكراهية تَدور على معَان: مِنْهَا أَن يكون شَيْء قد جرت الْعَادة بِأَن يقتنى لمعصية، أَو يكون الِانْتِفَاع الْمَقْصُود بِهِ عِنْد النَّاس نوعا من الْمعْصِيَة كَالْخمرِ، والأصنام، والطنبور، فَفِي جَرَيَان الرَّسْم بِبَيْعِهَا واتخاذها تنويه بِتِلْكَ الْمعاصِي وَحمل النَّاس عَلَيْهَا وتقريب لَهُم مِنْهَا، وَفِي تَحْرِيم بيعهَا واقتنائها إخمال لَهَا وتقريب لَهُم من أَلا يباشروها، قَالَ رَسُول الله إِنَّا: " أَن الله وَرَسُوله حرم بيع الْخمر وَالْميتَة وَالْخِنْزِير والأصنام ".

وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" إِن الله إِذا حرم شَيْئا حرم ثمنه " يَعْنِي إِذا كَانَ وَجه الِاسْتِمْتَاع بالشَّيْء مُتَعَيّنا كَالْخمرِ يتَّخذ للشُّرْب. والصنم لِلْعِبَادَةِ، فحرمه الله - اقْتضى ذَلِك فِي حِكْمَة الله تَحْرِيم بيعهَا.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " مهر الْبَغي خَبِيث " نهى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن حلوان الكاهن - وَنهى عَن كسب الزمارة.

أَقُول: المَال الَّذِي يحصل من مخامرة الْمعْصِيَة لَا يحل الِاسْتِمْتَاع بِهِ لمعنيين: أَحدهمَا أَن تَحْرِيم هَذَا المَال وَترك الِانْتِفَاع بِهِ زاجر عَن تِلْكَ الْمعْصِيَة. وجريان الرَّسْم بِتِلْكَ الْمُعَامَلَة جالب للْفَسَاد حَامِل لَهُم عَلَيْهِ، وَثَانِيهمَا

أَن الثّمن نَاشِئ من الْمَبِيع فِي مدارك النَّاس وعلومهم، فَكَانَ عِنْد الْمَلأ الْأَعْلَى للثّمن وجود تشبيهي أَنه الْمَبِيع، وللأجرة وجود تشبيهي أَنه الْعَمَل، فانجر الْخبث إِلَيْهِ فِي علومهم، فَكَانَ لتِلْك الصُّورَة العلمية أثر فِي نفوس النَّاس.

وَلعن رَسُول الله فِي الْخمر عاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها،

<<  <  ج: ص:  >  >>