للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الِاخْتِلَاط.

ورد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على عُثْمَان بن مطعون التبتل، فَقَالَ: " أما وَالله إِنِّي لأخشاكم لله، وأتقاكم لَهُ، لكني أَصوم، وَأفْطر، وأصلي، وأرقد، وأتزوج النِّسَاء، فَمن رغب عَن سنتي فَلَيْسَ مني ".

اعْلَم أَنه كَانَت المانوية والمترهبة من النَّصَارَى يَتَقَرَّبُون إِلَى الله بترك

النِّكَاح، وَهَذَا بَاطِل، لِأَن طَريقَة الْأَنْبِيَاء عَلَيْهِم السَّلَام الَّتِي ارتضاها الله للنَّاس هِيَ إصْلَاح الطبيعة وَدفع اعوجاجها، لَا سلخها عَن مقتضياتها، وَقد ذكرنَا ذَلِك مستوعبا، فراجع، ثمَّ لَا بُد من الْإِرْشَاد إِلَى الْمَرْأَة الَّتِي يكون نِكَاحهَا مُوَافقا للحكمة موفرا عَلَيْهِ مَقَاصِد تَدْبِير الْمنزل؛ لِأَن الصُّحْبَة بَين الزَّوْجَيْنِ لَازِمَة، والحاجات من الْجَانِبَيْنِ متأكدة، فَلَو كَانَ لَهَا جبلة سوء، وَفِي خلقهَا وعادتها فظاظة، وَفِي لسانها بذاء - ضَاقَتْ عَلَيْهِ الأَرْض بِمَا رَحبَتْ، وانقلبت عَلَيْهِ الْمصلحَة مفْسدَة، وَلَو كَانَت صَالِحَة صلح الْمنزل كل الصّلاح، وتهيأ لَهُ أَسبَاب الْخَيْر من كل جَانب، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" الدُّنْيَا مَتَاع، وَخير مَتَاع الدُّنْيَا الْمَرْأَة الصَّالِحَة "، قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تنْكح الْمَرْأَة لأَرْبَع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بِذَات الدّين تربت يداك " وَاعْلَم أَن الْمَقَاصِد الَّتِي يقصدها النَّاس فِي اخْتِيَار الْمَرْأَة أَربع خِصَال غَالِبا: تنْكح لمالها بِأَن يرغب فِي المَال، ويرجو مواساتها مَعَه فِي مَالهَا، أَو يكون أَوْلَاده أَغْنِيَاء لما يَجدونَ من قبل أمّهم، ولحسبها يعْنى مفاخر آبَاء الْمَرْأَة فان التَّزَوُّج فِي الْأَشْرَاف شرف وجاه، ولجمالها فَإِن الطبيعة البشرية راغبة فِي الْجمال، وَكثير من النَّاس تغلب عَلَيْهِم الطبيعة، ولدينها أَي لعفتها عَن الْمعاصِي وَبعدهَا عَن الريب وتقربها إِلَى بارئها بالطاعات ... فَالْمَال، والجاه مقصد من غلب عَلَيْهِ حجاب الرَّسْم ... ؛ وَالْجمال، وَمَا يُشبههُ من الشَّبَاب مقصد من غلب عَلَيْهِ حجاب الطبيعة ... ، وَالدّين مقصد من تهذب بالفطرة، فَأحب أَن تعاونه امْرَأَته فِي دينه وَرغب فِي صُحْبَة أهل الْخَيْر.

قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

" خير نسَاء ركبن الْإِبِل نسَاء قُرَيْش، أحناه على ولد فِي صغره، وأرعاه على زوج فِي ذَات يَده "

<<  <  ج: ص:  >  >>