وَمِنْهَا أَن هَذَا الْفِعْل فِي بَدْء وِلَادَته يخيل إِلَيْهِ أَنه بذل وَلَده فِي سَبِيل الله كَمَا فعل إِبْرَاهِيم عَلَيْهِ السَّلَام، وَفِي ذَلِك تَحْرِيك سلسلة الاحسان والانقياد كَمَا ذكرنَا فِي السَّعْي بَين الصَّفَا والمروة.
قَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" مَعَ الْغُلَام عقيقة فأهريقوا عَنهُ دَمًا وأميطوا عَنهُ الْأَذَى " وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "
الْغُلَام مُرْتَهن بعقيقته يذبح عَنهُ يَوْم السَّابِع وَيُسمى ويحلق ".
أَقُول: أما سَبَب الْأَمر فِي بالعقيقة فقد ذكرنَا، وَأما تَخْصِيص الْيَوْم السَّابِع فَلِأَنَّهُ لَا بُد من فصل بَين الْولادَة والعقيقة، فَإِن أَهله مشغولون باصلاح الوالدة وَالْولد فِي أول الْأَمر، فَلَا يكلفون حِينَئِذٍ بِمَا يُضَاعف شغلهمْ، وَأَيْضًا فَرب إِنْسَان لَا يجد شَاة إِلَّا بسعي، فَلَو سنّ كَونهَا فِي أول يَوْم لضاق الْأَمر عَلَيْهِم، والسبعة أَيَّام مُدَّة صَالِحَة للفصل المعتد بِهِ غير الْكثير، وَأما إمَاطَة الْأَذَى فللتشبه بالحاج، وَقد ذكرنَا، وَأما التَّسْمِيَة فَلِأَن الطِّفْل قبل ذَلِك لَا يحْتَاج أَن يُسمى.
وعق رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَن الْحسن بِشَاة، وَقَالَ: " يَا فَاطِمَة احلقي رَأسه، وتصدقي بزنة شعره فضَّة " أَقُول السَّبَب فِي التَّصَدُّق بِالْفِضَّةِ أَن الْوَلَد لما انْتقل من الجنينية إِلَى الطفلية كَانَ ذَلِك نعْمَة يجب شكرها، وَأحسن مَا يَقع بِهِ الشُّكْر مَا يُؤذن أَنه عوضه، فَلَمَّا كَانَ شعر الْجَنِين
بَقِيَّة النشأة الجنسية وإزالته أَمارَة للاستقلال بالنشأة الطفلية وَجب أَن يُؤمر بِوَزْن الشّعْر فضَّة، وَأما تَخْصِيص الْفضة فَلِأَن الذَّهَب أغْلى، وَلَا يجده إِلَّا غَنِي، وَسَائِر الْمَتَاع لَيْسَ لَهُ بَال أَن يزنه شعر الْمَوْلُود.
وَأذن رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أذن الْحسن بن عَليّ حِين وَلدته فَاطِمَة بِالصَّلَاةِ. أَقُول: السِّرّ فِي ذَلِك مَا ذكرنَا فِي الْعَقِيقَة من الْمصلحَة الملية، فَإِن الْأَذَان من شَعَائِر الْإِسْلَام، وإعلام الدّين المحمدي، ثمَّ لَا بُد من تَخْصِيص الْمَوْلُود بذلك الْأَذَان، وَلَا يكون إِلَّا بِأَن بِصَوْت بِهِ فِي أُذُنه، وَأَيْضًا فقد علمت أَن من خاصية الْأَذَان أَن يفر مِنْهُ الشَّيْطَان، والشيطان يُؤْذِي الْوَلَد فِي أول نشأته حَتَّى ورد فِي الحَدِيث " إِن استهلاله لذَلِك ".
" عَن الْغُلَام شَاتَان وَعَن الْجَارِيَة شَاة ".
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute