وَالزَّمَان أَن يحلف بعد الْعَصْر لقَوْله تَعَالَى:
{تحبسونهما من بعد الصَّلَاة} .
وَالْمَكَان أَن يُقَام بَين الرُّكْن وَالْمقَام إِن كَانَ بِمَكَّة. وَعند مِنْبَر رَسُول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِن كَانَ بِالْمَدِينَةِ. وَعند الْمِنْبَر فِي سَائِر الْبلدَانِ لوُرُود فضل هَذِه الْأَمْكِنَة وتغليظ الْكَذِب عِنْدهَا.
ثمَّ وَقعت الْحَاجة أَن يرهب النَّاس أَشد ترهيب من أَن يجترئوا على خلاف مَا شرع الله لَهُم لفصل القضايا وَمَعْرِفَة جلية الْحَال.
وَالْأَصْل فِي تِلْكَ الترهيبات ثَلَاثَة أَشْيَاء: أَحدهَا أَن الْإِقْدَام على فعل نهى الله تَعَالَى عَنهُ وَغلظ فِي النَّهْي دَلِيل قلَّة الْوَرع والاجتراء على الله فأدير حكم الاجتراء على هَذِه الْأَشْيَاء، وَأثبت لَهَا أَثَره مثل وجوب دُخُول النَّار وَتَحْرِيم الْجنَّة وَنَحْو ذَلِك.
وَالثَّانِي أَن ذَلِك سعى فِي الظُّلم وبمنزلة السّرقَة وَقطع الطَّرِيق، أَو بِمَنْزِلَة دلَالَة السَّارِق على المَال ليَسْرِق أوردء الْقَاطِع فتوجهت لعنة الله وَالْمَلَائِكَة وَالنَّاس على السَّعَادَة فِي الأَرْض بِالْفَسَادِ إِلَى هَذَا العَاصِي فَاسْتحقَّ النَّار.
وَالثَّالِث أَنه مخالفه لما شرع الله لِعِبَادِهِ وسعى فِي سد جَرَيَانه على مَا أَرَادَ الله فِي شرائعه فان الْيَمين إِنَّمَا شرعت معرفَة للحق، وَالْبَيِّنَة إِنَّمَا شرعت مبينَة لجلية الْحَال فان جرت السّنة بزور الشَّهَادَة وَالْإِيمَان انسد بَاب الْمصلحَة المرعية.
فَمن ذَلِك كتمان الشَّهَادَة لقَوْله تَعَالَى.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute