هُوَ الْمَعْرُوف من عَادَتهم من حفظ أهل الحوائط أَمْوَالهم بِالنَّهَارِ وَحفظ أهل الْمَوَاشِي مَوَاشِيهمْ بِاللَّيْلِ.
وَمن الْقَوَاعِد المبنية عَلَيْهَا كثير من الْأَحْكَام أَن الْغنم بالغرم، وَأَصله
مَا قضى النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن الْخراج بِالضَّمَانِ وَذَلِكَ لعسر ضبط الْمَنَافِع، وَإِن قسم الْجَاهِلِيَّة ودمائها وَمَا كَانَ فِيهَا لَا يتَعَرَّض بهَا، وَأَن الْأَمر مُسْتَأْنف بعْدهَا، وَأَن الْيَد لَا تنقص إِلَّا بِدَلِيل آخر وَهُوَ أصل الِاسْتِصْحَاب وَأَنه إِن انسد بَاب التفتيش فَالْحكم أَن يكون مَا يُريدهُ صَاحب المَال أَو يترادا، وَالْأَصْل فِيهِ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" البيعان إِذا اخْتلفَا بَينهمَا والسلعة قَائِمَة " الحَدِيث وَأَن الأَصْل فِي كل عقد أَن يُوفي لكل أحد وعَلى كل أحد مَا الْتَزمهُ بعقده إِلَّا أَن يكون عقدا نهى الشَّرْع عَنهُ، وَهُوَ قَوْله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْمُسلمُونَ على شروطهم إِلَّا شرطا أحل حَرَامًا أَو حرم حَلَال " فَهَذِهِ نبذ مِمَّا شرع النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمقَام الثَّانِي.
وَمن القضايا الَّتِي قضى فِيهَا رَسُول الله قَضِيَّة صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قضيت بنت حَمْزَة رَضِي الله عَنهُ فِي الْحَضَانَة حَيْثُ قَالَ عَليّ رَضِي الله عَنهُ. بنت عمي وَأَنا أَخَذتهَا، وَقَالَ جَعْفَر رَضِي الله عَنهُ: بنت عمي وخالتها تحتي، وَقَالَ زيد رَضِي الله عَنهُ: بنت أخي فَقضى بهَا لجَعْفَر رَضِي الله عَنهُ، وَقَالَ: الْخَالَة بِمَنْزِلَة الْأُم ".
وَقَضِيَّة ابْن وليدة زَمعَة فِي الدعْوَة حَيْثُ قَالَ سعد: إِن أخي قد عهد إِلَيّ فِيهِ، وَقَالَ عبد بن زَمعَة ابْن وليدة أبي ولد على فرَاشه، فَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": هُوَ لَك يَا عبد ابْن زَمعَة الْوَلَد للْفراش وللعاهر الْحجر ".
وَقَضِيَّة زيد رَضِي الله عَنهُ. والأنصاري فِي شراج الْحرَّة فَأَشَارَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَمر لَهما فِي سَعَة " اسْقِ يَا زبير ثمَّ أرسل إِلَى جَارك فَغَضب الْأنْصَارِيّ، فاستوعى لزبير حَقه قَالَ: احْبِسْ المَاء حَتَّى يرجع إِلَى الْجدر ".
وَقَضِيَّة نَاقَة برَاء بن عَازِب رَضِي الله عَنهُ دخلت حَائِطا لرجل من الْأَنْصَار فأفسدت فِيهِ فَقضى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَن على أهل الْأَمْوَال حفظهَا بِالنَّهَارِ وعَلى أهل الْمَوَاشِي حفظهَا بِاللَّيْلِ.
وَقضى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشُّفْعَة فِيمَا لم يقسم فَإِذا وَقعت الْحُدُود وصرفت الطّرق فَلَا شُفْعَة، وَقد ذكرنَا فِيمَا سبق وُجُوه هَذِه القضايا.
وَقَالَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" إِذا اختلفتم فِي الطَّرِيق جعل عرضه سَبْعَة أَذْرع ".