للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأما رقِيه إِلَى السَّمَاوَات سَمَاء بعد سَمَاء فحقيقته الانسلاخ إِلَى مستوى الرَّحْمَن منزلَة بعد منزلَة وَمَعْرِفَة حَال الْمَلَائِكَة الموكلة بهَا وَمن لحق بهم من أفاضل الْبشر وَالتَّدْبِير الَّذِي أوحاه الله فِيهَا والاختصام الَّذِي يحصل فِي ملئها

وَأما بكاء مُوسَى فَلَيْسَ بحسد وَلكنه مِثَال لفقده عُمُوم الدعْوَة وَبَقَاء كَمَال لم يحصله مِمَّا هُوَ فِي وَجهه.

وَأما سِدْرَة الْمُنْتَهى فشجرة الْكَوْن وترتب بَعْضهَا على بعض وانجماعها فِي تَدْبِير وَاحِد كانجماع الشَّجَرَة فِي الغاذية والنامية وَنَحْوهمَا وَلم تتمثل حَيَوَانا لِأَن التَّدْبِير الْجملِي الإجمالي الشبيه للسياسة الْكُلِّي أَفْرَاده، وَإِنَّمَا أشبه الْأَشْيَاء بِهِ الشَّجَرَة دون الْحَيَوَان فَإِن الْحَيَوَان فِيهِ قوى تفصيلية والإرادة فِيهِ أصرح من سنَن الطبيعة.

وَأما الْأَنْهَار فِي أَصْلهَا فرحمة فائضة فِي الملكوت حَذْو الشَّهَادَة وحياة وإنماء، فَلذَلِك تعين هُنَالك بعض الْأُمُور النافعة فِي الشَّهَادَة كالنيل والفرات.

وَأما الْأَنْوَار الَّتِي غشيتها فتدليات إلهية وتدبيرات رحمانية تلعلعت فِي الشَّهَادَة حَيْثُمَا استعدت لَهَا.

وَأما الْبَيْت الْمَعْمُور فحقيقته التجلي الإلهي الَّذِي يتَوَجَّه إِلَيْهِ سَجدَات الْبشر وتضرعاتها يتَمَثَّل بَيْتا على حَذْو مَا عِنْدهم من الْكَعْبَة وَبَيت الْمُقَدّس.

ثمَّ أُتِي بِإِنَاء من لبن. وإناء من خمر فَاخْتَارَ اللَّبن، فَقَالَ جِبْرَائِيل: هديت

للفطرة وَلَو أخذت الْخمر لغوت أمتك فَكَانَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَامع أمته ومنشأ ظُهُورهمْ وَكَانَ اللَّبن اختيارهم الْفطْرَة وَالْخمر اختيارهم لذات الدُّنْيَا

وَأمر بِخمْس صلوَات بِلِسَان التَّجَوُّز لِأَنَّهَا خَمْسُونَ بِاعْتِبَار الثَّوَاب، ثمَّ أوضح الله مُرَاده تدريجا ليعلم أَن الْحَرج مَدْفُوع وَأَن النِّعْمَة كَامِلَة وتمثل هَذَا الْمَعْنى مُسْتَندا إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَإِنَّهُ أَكثر الْأَنْبِيَاء معالجة للامة وَمَعْرِفَة بسياستها.

ثمَّ كَانَ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يستنجد من أَحيَاء الْعَرَب فوفق الْأَنْصَار لذَلِك فَبَايعُوهُ بيعَة الْعقبَة الأولى. وَالثَّانيَِة وَدخل الْإِسْلَام كل دَار من دور الْمَدِينَة.

وأوضح الله على نبيه أَن ارْتِفَاع دينه الْهِجْرَة إِلَى الْمَدِينَة فأجمع عَلَيْهَا وازداد غيظ قُرَيْش فمكروا بِهِ ليقتلوه أَو يثبتوه أَو يخرجوه فظهرت آيَات لكَونه محبوبا مُبَارَكًا مقضيا لَهُ بالغلبة فَلَمَّا دخل هُوَ وَأَبُو بكر الصّديق رَضِي الله عَنهُ الْغَار لدغ أَبُو بكر رَضِي الله عَنهُ فبرك عَلَيْهِ النَّبِي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فشفي من سَاعَته، وَلما وقف الْكفَّار على رَأس الْغَار أعمى الله

<<  <  ج: ص:  >  >>