للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ولأن الدية إحدى بدلي النفس، بدليل أنها تجب عينا في كل موضع لا يمكن

القصاص فيه. فكانت إحدى موجبى العمد لذلك.

(وعفوه) أي: عفو ولي الجناية (مجانا) أي: من غير أن يأخذ شيئا

(أفضل)؛ لقول الله سبحانه وتعالى: {وَأَن تَعْفُواْ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}] البقر ة: ٢٣٧].

ولما روى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله

بها عزا " (١) . رواه أحمد ومسلم والترمذي وصححه.

وعن أنس قال: " ما رفع (٢) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو " (٣) . رواه الخمسه إلا الترمذي.

(ثم لا تعزير على جان) بعد العفو في الأصح، لأنه إنما عليه حق واحد.

وقد سقط، كعفو عن دية قاتل خطأ. ذكره الموفق وغيره.

(فإن اختار) ولي الجناية (القود، أو عفا عن الدية فقط) يعني: دون

القصاص: (فله) بعد ذلك (أخذها، والصلح على أكثر منها) أي: من

الدية.

أما كونه يملك أخذ الدية إذا اختار القود؛ فلأن القصاص أعلا فإذا أختاره لم

يمتنع عليه الانتقال إلى الأدنى، وتكون الدية بدلا من القصاص.

وأما كونه إذا عفا عن الدية دون القصاص له أخذ الدية والصلح على أكثر

منها؛ فلأنه لم يعف مطلقا. وهذا في أصح الصورتين. وليست هذه الدية التي


(١) أخرجه الترمذي في"جامعه " (٢٣٢٥) ٤: ٥٦٢ كتاب الزهد، باب ما جاء مثل الدنيا مثل أربعه نفر. وأخرجه اأحمد في " مسنده " (٥ ٠ ٧٢) ٢: ٢٣٥ ولم أره في مسلم.
(٢) في الأصول: وقع. وما أثبتناه من السنن.
(٣) أخرجه أبو داود قي " سننه " (٤٤٩٧) ٤: ١٦٩ كتاب الديات، باب الإمام يأمر بالعفو في الدم. وأخرجه النسائي في " سننه " (٤٧٨٤) ٨: ٣٧ كتاب القسامة، الامر بالعفو عن القصاص.
وأخرجه ابن ماجه في " سننه " (٢٦٩٢) ٢: ٨٩٨ كتاب الديات، باب العفو في القصاص.
وأخرجه أحمد في"مسنده " (١٣٢٤٣) ٣: ٢١٣

<<  <  ج: ص:  >  >>