للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إذا علمت ذلك (فلا قصاص في جائفة)، وهي: الجرح الواصل إلى باطن

الجوف، (ولا في كسر عظم غير سن، ونحوه)؛ كالضرس، (ولا أن قطع

القصبة) أي: قصبة الأنف، (أو) قطع (بعض ساعد، أو) قطع بعض

(ساق، أو) بعض (عضد، أو) بعض (ورك) في الأصح، لأنه لا يمكن

استيفاع من ذلك بلا حيف فإنه ربما يؤخذ أكثر من الفائت، أو يسري إلى عضو

آخر، أو إلى النفس فلم يجز؛ لأن الواجب الأخذ بقدر التلف لا أكثر منه. فإذا

أفضى الاستيفاء إلى الحيف منع منه، لتعذره. ولو قطع يده من الكوع ثم تأكلت

إلى نصف الذراع فلا قود له أيضا اعتبارا بالاستقرار. قاله القاضي وغيره. وقدمه في " الرعايتين " وصححه الناظم.

وقال المجد: يقتص هنا من الكوع.

(وأما الأمن من الحيف، فشرط لجوازه) أي: جواز الاستيفاء، لأن

القصاص في نفس الأمر (١) واجب، إذ لا مانع منه، لوجود شرطه، وهو:

العدوان على من يكافئه عمدا في محل مساو له (٢) في الاسم والصحة والكمال،

لكن الاستيفاء غير ممكن، لخوف العدوان على الجانى؛ لأنه المفروض.

وفائدة ذلك: أنا إذا قلنا: إنه شرط للوجوب تعينت الدية إذا لم يوجد

الشرط، وإذا قلنا: شرط للاستيفاء دون الوجوب انبنى على أصل وهو أن

الواجب ماذا؟ فإن قلنا: القصاص عينا لم يجب بذلك شيء، إلا أن المحني

عليه إذا عفا يكون قد عفا عن حق يحصل له ثوابه، وإن قلنا: موجب العمد أحد شيئين انتقل الوجوب إلى الدية كغيره.

إذا تقرر هذا (فيقتص من منكب: ما لم يخف جائفة) بلا نزاع. (فإن خيف)

إن اقتص من منكب جائفة، وهو: الجرح الذي يصل إلى الجوف فيفسد بدخول

الهواء فيه: (فله أن يقتص من مرفقه) في الأصح؛ لأنه أخذ ما أمكن من حقه.


(١) ساقط من أ.
(٢) فى الأصول: مساواته. ولعل الصواب ما أثبتناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>