للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أما معنى {تتلوا} ، فهو: تقرأ، أي من التلاوة، أو: تَتْبع، كما تقول: جاء القوم يَتْلو بعضُهم بعضًا، أو أن معناها: تفضِّل، لأن كل من اتبع شيئًا وجعله إمامه فقد فضّله على غيره. والتعبير بـ {تتلوا} ، يعني: تَلَتْهُ، فهو بمعنى المُضِيّ] (١) . فيصير المعنى - على ما سبق -: قد فضّلت سحرة يهود، ومن تشبّه بهم، واتبعوا - وهم من شياطين الإنس - ما قرأته شياطين الجن، مما افترته كذبًا، وتقوَّلَتْه زورًا، على عهد ملك سليمان، بأن سبب ملكه إنما كان السحر وما أنزل على الملكين، والله أعلم.

[أما المتلو هنا فهو: السحر. وقد عُبر عن ذلك بالتلاوة، لأن التلاوة إنما تكون - في كلام العرب - بمعنيين؛ أحدهما: الاتباع، فيكون المعنى واتبعوا ما تتّبعه الشياطين مما دفنوه تحت كرسي سليمان عليه السلام من السحر والكفر. والمعنى الآخر: القراءة والدراسة، فيكون المعنى: واتبع اليهود ما تلته الشياطين عليهم دراسة ورواية، فسارت على منهاجها في ذلك، وعملت به وروته. فيتحصل بذلك: أن اليهود اتبعوا ما تبعته الشياطين بالعمل به، وتدارسوه بالرواية عنهم] (٢) .

٣- ... يقول تعالى: [البَقَرَة: ١٠٢] {عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ} ، فما وجه التعبير بـ {على} ، مع أن التلاوة - كما سبق - تكون بمعنى الاتباع أو الدراسة؟ وما هو ملك سليمان؟ وهل يُحجر ذلك المُلك العظيم عن غيره من الخلق عامة؟

إن الدراسة - كما لا يخفى - تتضمن معنى التحديث والإخبار، وهذا


(١) انظر: الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي (٢/٤٢) .
(٢) المرجع السابق (١/٤٩٢) .

<<  <   >  >>