في نفائس مقتنياتهم وخاصة مكتباتهم! أقول: قد أسهمت أمثال هذه المصنفات في إضفاء مزيد من التدليس في أمر السحر، حتى إنها قد خيلت للقارئ أن السحر صنوف لا تنحصر، وأن قدرات السحرة لا يحدها ضابط؛ فمن المجريات في طبهم التي ما تركت داء إلا وأحدثت له دواء، إلى خرصٍ بحسن طالع أو نحسه، إلى تسخير روحانية كوكب وإلزام للمَلَك المُوكَّل به، الذي يقوم بدوره بتسخير الجن المتحكم بالفيوضات الروحانية لذلك الكوكب، إلى
صناعة حُجُب مطلسمة تجلب الصحة وتمنع السقم، وتقضي سائر الحوائح من تفريق وتهييج محبة، إلى فتح مندل يجلب الغائب ويحضر المسروق، إلى تحضير جانّ، وإخراجه بل وإحراقه أحيانًا، إلى آخر منظومتهم التي تكاد لا تنتهي!
أخي القارئ، هذه الأمور الأربعة - المذكورة آنفًا - قد تكون أسبابًا مهمة حالت بين المسلم المعاصر وفهمه لحقيقة السحر، وأنواعه، وقد يكون ذلك - بتقدير الله - من الخير لهذه الأمة المكرمة، حيث انحصر اهتمام جُلّ المسلمين بمطالعة ما دوّنه علماؤهم في أقسام السحر، دون الخوض في معرفة تفصيلات ذلك، ونحن - بعون الله تعالى - سنسلك مسلكهم في بيان تقسيم السحر، مع قصد كشف ستر الدجاجلة، وتصنيفهم علوم الشر التي دوّنوها في تلك الأقسام، ليُعلَم وثيقُ علاقتِها بالسحر، فيُتقى تعلُّمُها ويُحذر أهلها، وعلى ذلك، فإن هذا الفصل سوف يحوي بابين:
الأول: في مراتب السحر وأقسامه.
وفيه أربعة مباحث: ١- مراتب السحر من حيث الحقيقةُ والمجاز.