الأفذاذ ممن كتب في الأنواع، أو اكتفى بالنقل عن سابقه، والتعليق عليه.
والأمر الثالث: أن الأنواع التي ذكرها المصنفون - قديمًا وحديثًا - منها ما تعلق بتقسيم أصل السحر بين حقيقة وتخييل، أو بتقسيمه من حيث أهلُه القائمون بعمله، وطرائقُهم في ذلك، وأدواتهم فيه، أو تقسيمه بحسب ما ترتب عليه من أثر بالمسحور، من تفريق أو تحبيب وغيرهما، وقد تجد أيضًا من نوّعه تبعًا للأحكام الشرعية في تعلمه والعمل به.
الرابع الأخير منها: أن بعض المصنفين المعاصرين - ممن ادعى حيازة علوم الأولين وربما الآخِرِين! - قد أغرق المكتبات في بعض البلاد بمصنفات حوت غثًا لا سمينًا من أسحار حمراء وسوداء، وأسرار العلوم المكتومة، وكيمياء القدماء المخزونة، ومجربات ما أنزل الله بها من سلطان وبركات الحروف، وقدرات الأعداد، وعلوم الأوفاق والزايرجات، وغيرها كثير مما تأنف الأنامل عن تسطير مثله، ثم نسب ذلك كله إلى علوم روحانية، اصطفاها من علوم أهل بابل، وحِكَم الإغريق، وأقلام الأولين وخطوطهم، بما جعل المطّلع عليها فضلاً عن العالم بها أو العامل بها - عياذًا بالله - في تعبٍ مُضنٍ دونه نيل شهادة علمية مرموقة، أو إتقان كثير من علوم الشريعة المطهرة!! وليس أدل على ذلك مثالاً كتب - الملقب بـ (الأستاذ الكبير) مدير عام معهد الفتوح الفلكي!! - عبد الفتاح الطوخي، الذي ألقى بما يربو عن ثلاثين مؤلفًا فيما ادعاه كشفًا لتلك الأسرار الخفية، والعلوم اللدنية، من تنجيم، وكشف طالع، وتسخير، واستحضار، وصرف عُمّار، وفتح مندل، ودعوات، وأوفاق، وخواتم، وأرصاد، وفك طلاسم، ومجرّبات، وتعبير رؤى، وعلوم نفس، وتنويم، وعلم فراسة، وليس هو الوحيد المبرّز في هذا المضمار فقد نافسه خلق كثير - من الرافضة - غرقوا في بحور الغرائب وأسرار الأجفار، والحروز المنسوبة زورًا لأئمة آل البيت الأطهار، وأغرقوا معهم جِبِلاًّ كثيرًا لا يزال كثير منهم يحتفظون بهذه الكتب