للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اتفق أن كان السامع لذلك ضعيف العقل قليل التمييز اعتقد أنه حق، وتعلق قلبه بذلك، وحصل في نفسه نوع من الرعب والمخافة، وإذا حصل الخوف ضَعُفت القُوى الحساسة، فحينئذ يتمكن الساحر أن يفعل ما يشاء.

قال الإمام ابن كثير معلقًا على هذا النوع: [هذا النمط يقال له: التَّنْبَلة، وإنما يَرُوج على الضعفاء العقول من بني آدم، وفي علم الفراسة (١) ما يرشد إلى معرفة كامل العقل من تافهه، فإذا كان المُتنبِل - أي الساحر - حاذقًا في علم الفراسة عرف من ينقاد له من الناس من غيره] (٢) .

٨- سحر، بالسعي بالنميمة، والتضريب، من وجوه خفية لطيفة، وذلك شائع بين الناس.

فائدة جليلة للإمام ابن كثير في التعليق على هذا النوع: [النميمة على قسمين؛ تارة تكون على وجه التحريش وتفريق قلوب المؤمنين، فهذا حرام متفق عليه. فأما إذا كانت على وجه الإصلاح وائتلاف كلمة المسلمين، كما جاء في الحديث: «ليس بالكذاب من يَنِمُّ خيرًا» (٣) ، أو يكون على وجه التخذيل والتفريق بين جموع الكفرة، فهذا أمر مطلوب، كما جاء في


(١) علم الفِراسة: هو علم يُتعرف فيه أخلاقُ الإنسان من أحواله الظاهرة من الألوان والأشكال والأعضاء. وبالجملة هو: الاستدلال بالخَلْق الظاهر على الخَلْق الباطن، وموضوعه ومنفعته ظاهران، ومن الكتب المؤلفة فيه كتاب «الفراسة» للإمام الفخر الرازي، صاحب التفسير. انظر: موسوعة مصطلحات مفتاح السعادة، لطاش كبرى زاده ص ٥٣٧.
(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، ص ١٣١. ط - بيت الأفكار.
(٣) متفق عليه من حديث أم كُلْثوم بنت عقبة رضي الله عنهما، أخرجه البخاري؛ كتاب: الصلح باب: ليس الكذاب الذي يُصلح بين الناس، برقم (٢٦٩٢) . ومسلم؛ كتاب: البر والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه، برقم (٢٦٠٥) . بلفظ: «لَيْسَ الْكَذَّابُ الَّذِي يُصْلِحُ بَيْنَ النَّاسِ، فَيُنْمِي خَيْرًا أَوْ يَقُولُ خَيْرًا» .

<<  <   >  >>