(٢) انظر: تفسير القرآن العظيم، للإمام ابن كثير رحمه الله. ص١٤٦٩ ط - بيت الأفكار. وانظر: كذلك: الجامع لأحكام القرآن، للإمام القرطبي رحمه الله (١/٤٣) .
أما الأحاديث التي وردت من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - وهي تثبت أن سليمان عليه السلام قد سأل الله مُلكًا لا يكون لأحد من البشر مثله من بعده - فعديدة، منها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: «إن عفريتًا من الجنّ تفلّت عليَّ البارحةَ، ليقطع عليّ الصلاة، فأمكنني اللهُ منه، وأردتُ أن أربطَه إلى سارية من سواري المسجد، حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلُّكم، فذكرت قول أخي سليمان: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لاَ يَنْبَغِي لأَِحَدٍ مِنْ بَعْدِي} فردّه خاسئًا. متفق عليه، البخاري (٤٨٠٨) ، ... ومسلم (٥٤١) . وعند أحمد في مسنده (٣/٨٢) من حديث أبي سعيد رضي الله عنه: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام يصلّي صلاة الصبح وهو خلفه، فقرأ فالتبست عليه القراءة، فلمّا فرغ من صلاته قال: لو رأيتموني وإبليسَ، فأهويتُ بيدي، فما زلت أخنقه حتى وجدت بَرْد لُعابه بين إصبعيّ هاتين - الإبهام والتي تليها - ولولا دعوة أخي سليمان لأصبح مربوطًا بسارية من سواري المسجد يتلاعب به صبيان المدينة، فمن استطاع منكم أن لا يحول بينه وبين القبلة أحدٌ فليفعل» . والحديث صحّحه - بشواهده - الألبانيُّ. انظر: الصحيحة برقم (٣٢٥١) . ومن ذلك أيضًا ما أخرجه أحمد في مسنده (٢/١٧٦) ، من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «إن سليمان بن داود عليهما السلام، سأل الله ثلاثًا أعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون له الثالثة، فسأله حُكمًا يُصادِف حكمَه، فأعطاه الله إياه، وسأله ملكًا لا ينبغي لأحد من بعده، فأعطاه إياه، وسأله أيّما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد - أي بيت المقدس - خرج من خطيئته مثلَ يوم ولدته أمّه، فنحن نرجو أن يكون الله عزّ وجلّ قد أعطاه إياه» . والحديث أخرجه أيضًا من حديث ابن عمرو: النسائي (٢/٣٤) ، وابنُ ماجه (١٤٠٨) ، وصحّحه ابن خزيمة، وابن حِبّان، والحاكم ووافقه الذهبي. رحم الله الجميع.